يروى أنَّ‮ ‬والي‮ ‬خراسان كتبَ‮ ‬إلى عمر بن عبد العزيز‮ ‬يستأذنهُ‮ ‬السماحَ‮ ‬له باستخدامِ‮ ‬القوَّةِ‮ ‬والعنفِ‮ ‬مع أهلها في‮ ‬رسالته إلى الخليفةِ‮ ‬والتي‮ ‬قال فيها‮ :(‬إنَّهم لا‮ ‬يصلحهم إلا السَّيف والسَّوط‮). ‬فردَّ‮ ‬عليه عمرٌ‮ ‬قائلاً‮: (‬كذبتَ‮.. ‬بل‮ ‬يصلحُهم العدلُ‮ ‬والحقُ،‮ ‬فابسط ذلك فيهم،‮ ‬واعلم أنّ‮ ‬الله لا‮ ‬يصلحُ‮ ‬عملَ‮ ‬المفسدين‮). ‬وكتبَ‮ ‬ابن عبد العزيز إلى أحدِ‮ ‬ولاتِهِ‮ ‬بعد أنْ‮ ‬اشتكى النَّاس منه قائلاً‮: (‬لقد كثرَ‮ ‬شاكوكَ‮ ‬وقلَّ‮ ‬شاكروكَ،‮ ‬فإما عدلتَ،‮ ‬وإما اعتزلتَ‮ ‬والسَّلام‮). ‬إذ كان‮ ‬يختار ولاته على أساسِ‮ ‬الأمانةِ‮ ‬والتَّقوى وفضائلَ‮ ‬الأخلاقِ،‮ ‬وهذا لعمري‮ ‬كلامُ‮ ‬الإصلاحِ‮ ‬وفعلُه أبلغ‮ ‬وأكثر تصديقاً‮.‬
أما مجتمعنا اليومَ‮ ‬والمتمثلُ‮ ‬ببعض القادةِ‮ ‬والنُّخب والوجهاء فهو أحوج ما‮ ‬يكون إلى إصلاحِ‮ ‬الكلامِ‮ ‬حتى‮ ‬يتطابقَ‮ ‬مع الواقعِ‮ ‬الذي‮ ‬نعيشُه كي‮ ‬لا نصابَ‮ ‬بمرضينِ‮ ‬في‮ ‬آنٍ‮ ‬واحدٍ‮ ‬علةَ‮ (‬مخالفةُ‮ ‬القولِ‮) ‬وعلةَ‮ (‬الاضرار بالدولة والمال العام‮) ‬لأنَّنا نتكلمُ‮ ‬عن دورٍ‮ ‬ونمارس دوراً‮ ‬آخر لا‮ ‬يشبه القولَ‮ ‬ولا الحقيقةَ‮ ‬ولا‮ ‬يمكنُ‮ ‬تفسيره أو تبريره؛ لأنّه ببساطةٍ‮ ‬سبباً‮ ‬رئيساً‮ ‬في‮ ‬ما نحن فيه من فسادٍ‮ ‬وظلمٍ‮ ‬وتناقضاتٍ‮ ‬وارباكٍ‮ ‬وخلطٍ‮ ‬في‮ ‬المفاهيمِ‮ ‬والسُّلوكيات والقيم،‮ ‬حتى بات كلُّ‮ ‬فردٍ‮ ‬أو مجموعة تلقي‮ ‬باللائمةِ‮ ‬والأخطاء على الآخرينَ‮ ‬سواءً‮ ‬كانوا أفراداً‮ ‬أو مجموعات،‮ ‬وهذا‮ ‬يقودُ‮ ‬إلى زيادةِ‮ ‬التَّناحر والتَّغانم والصِّراع السِّلبي‮ ‬الذي‮ ‬يفضي‮ ‬إلى الهلاكِ‮. ‬بدايةُ‮ ‬الإصلاح تأتي‮ ‬من قولِ‮ ‬الحقيقةِ‮ ‬ومطابقتها بالفعل وممارسة الدَّور بكلِّ‮ ‬مسؤوليةٍ‮ ‬وأمانةٍ‮ ‬وإتقانٍ‮ ‬ليعمَّ‮ ‬العدلُ‮ ‬ويرغدُ‮ ‬عيش النَّاس‮.‬
‮{ ‬كلام الإصلاح توعية المجتمع لرفض‮ ‬كل السياسات والممارسات‮ ‬غير العادلة،‮ ‬وإصلاح الكلام هو تأكيد القول بالفعل والوقوف على مسافة واحدة من الجميع‮.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *