-1-
الذكاء منحة ربانية يمن بها الله على بعض عباده فتراهم يتوقدون فطنه ، ويوصلهم ذكائهم الى فتح المغاليق .
-2-
فالذكاء فطريٌّ لا يمكن تحصيله عبر الدراسة،
وليس ثمة من ( حُبوب ) تبعثُ الذكاء في نفوس الباحثين عنه .
-3-
واذا كان الذكاء فطرياً فمن غير الغريب أنْ تجد (ولداً ) يَقْطُرُ فطنةً وذكاءً الى جانب رجال كبار ولكنّهم لم ينعموا بتلك الفطنة المدهشة .
نعم انّ الذكاء عابرٌ للقوميات والأديان والمذاهب والأعمار والأقطار.
-4-
ومن أروع قصص الفطنة والذكاء قصةُ وَلَد للأمير (أسامة بن منقذ) الذي عمل لردح من الزمن في خدمة (بن صالح) صاحب حلب ثم اضطر (ابن منقذ) لحادثة حصلت بينهما أنْ يهرب منه الى طرابلس .
وطالَبَهُ (ابن صالح) أنْ يعود الى (حلب) فلم يُجبْهُ خوفاً منه .
وهنا أَحَضَر (ابنُ صالح) رجلاً وأَمَرُه أنْ يكتب للامير ابن منقذ كتابا يشجعه على العودة ،
وهنا خشي هذا الرجل على صديقه ابن منقد ففكر في طريقة يُنقِذُهُ فيها من التورط بالعودة، ولكي ينجو الرجل مِنْ بطش (ابن صالح ) كتب الكتاب كما أراد صاحب حلب ولكنّه ختمه بقوله ( إن شاء الله تعالى ) .
فلما قرأ ابن منقذ الكتاب قال :
هذا كتاب صديقي ، ولا أحسب انّه يغشني ولولا انّه يعلم بعفو صاحب حلب عني لما كتب اليّ ، وعَزم على السفر ،
وكان له ولد ذكيّ فقرأ الكتاب وأمعن النظر فيه ثم قال لأبيه :
يا أبتِ مكانك لا تعجل بالسفر فانّ صديقك قد حذّرك من العودة :
فقال له أبوه :
وكيف يا بُنيّ ؟
قال :
انه كتب في آخر الكتاب ( إنْ شاء الله تعالى ) وشدد إنّ ،
واعتقد انه يشير الى قوله تعالى :
( انّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك )
القصص / 20
وحين استطلع الامير الأمر قبل السفر أيقنَ بصحة كلام ولده
-5-
ومن أصعب مشكلاتنا في (العراق الجديد) إبعاد الأذكياء عن تولي المهمات، وتقديم
الأغبياء عليهم استناداً الى معادلات المحاصصة ، الأمر الذي أدّى الى تفاقم الأزمات، وجاؤو بمن لا يملكون الخبرة والقدرة على تصريف الأمور الى مواقع لا يستطيعون ادارتها، وكانت الحصيلة المزيد من الاخفاقات والاهدارات للمال العام واستمرار ليالي المعاناة .