ارتبط الوهم بالحواس، وابعد من ذلك بالتصديق، و اخطر الوهم ما طال الاعتقاد بصحته، فالوهم عكس الحقيقة، هذا الكلام مُجزّء فأوله عن الصورة النمطية البريئة للوهم، نظرا و سمعا ولمسا و ذوقا و شما، و اوسطه عن قدرات العقل في التنبه ان خللا في التفسير قد وقع وان العقل تجاوز مرحله انخداعه، اما الاخير، فذلك ما بثناياه و نواياه يكمن الخطر، و هو العمل على صناعة الوهم بغية غايات ربحية عبر تصنيع مسير افراد و شعارات و توجهات و مشاريع و اعداء و ضحايا.
الاعلام الاول كان الوسيلة الاقوى وهو لم يقتصر على وسائل النشر ووسائط البث، بل و اعتمد التسويق الحكايتي الذي ينشره نفر بين طبقة مجتمعية او اكثر لتقديم الصورة التي يريدها الشخص او الجماعة لتثبيت وجودهم او/ و تقديم صورة ايجابية- قد تكون صحيحة- او سلبية وهي ايضا قد تكون صحيحة من غريم على غريمه.
التطور و التقدم و التحديث الاتصالي شهد اتساعا و سرعة و توفرا مهولا لمستخدميه خلال سنوات الطفرات العلمية الاخيرة، وهذه الفضاءات التقنية ماكانت لتبقى خالية او مقتصرة على الاستخدام المفيد الذي لأجله طُوِرت، بل زحف عليها التسويق بكل مفاصله ليأخذ مساحته ومنها المساحة الاستعراضية و السياسة في بعض وجوهها او عند بعض وجوه المشتغلين بها لا تعدو الاستعراض، والاستعراض بذاته لا مفر من وقوعه تبعا لثقافة فرد و مجتمع على ان يكون غير مفرغ واعني بالمفرغ : الذي لا يعدو كونه غلاف بلا محتوى.
اما الجزء الاخطر فهو الايهام السياسي او بالادق توظيف الايهام لتقديم سلعة حزبية او/ و سياسية تصل الجمهور محملة بخصال ليست في الخصم و ليست في المستفيد، فهي تقدم الخصم سيئا و المستفيد خيّرا، والجمهور ضحية، وتترك الاجابة للموهوم ليميل نحو الخيّر المفترض و الانسحاب من حول السيء.
في منطقتنا سجلات متخمة بالوهم السياسي الذي استهدف الجمهور و الخصوم و تسبب بالخسارات الضخمة، وفي منطقتنا ايضا ثمة من يستنسخ و يطور اساليب من تلك السجلات ليبثها للجمهور و فرقاء السياسة و شركائها متناسيا او جاهلا بأن النتيجة المترتبة على الوهم كارثية، وان القانون لا يعاقب فقط على ذلك بل و يبيح الدفاع عن الحقيقة.
{ مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني.