‭ ‬قال‭ ‬المتكلمون‭ ‬الاوائل‭ ‬ان‭ ‬القران‭ ‬ناجز‭ ‬ومعجز‭ ‬ومطلق‭ ‬الصلاحية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان،‭ ‬وهي‭ ‬ذات‭ ‬العبارة‭ ‬التي‭ ‬ترجمها‭ ‬النص‭ ‬القراني‭ ‬بقوله‭: ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬القران‭ ‬يهدي‭ ‬للتي‭ ‬هي‭ ‬اقوم،‭ ‬مع‭ ‬تضارب‭ ‬الزخم‭ ‬المعنوي‭ ‬لضمير‭ ‬المتكلم‭ ‬لطالما‭ ‬شكل‭ ‬تحديا‭ ‬لدى‭ ‬التأويلـيين‭ ‬حول‭ ‬مصدر‭ ‬ايصال‭ ‬الوحي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اوجزه‭ ‬المتاخرون‭ ‬من‭ ‬المفسرين‭ ‬الذين‭ ‬جعلوا‭ ‬من‭ ‬تفسير‭ ‬القرآن‭ ‬عملا‭ ‬ادبيا‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬حشد‭ ‬من‭ ‬العلامات‭ ‬والدلالات‭ ‬وسور‭ ‬المديح‭ ‬والثناء‭ ‬والمباركة‭ ‬حتى‭ ‬تحول‭ ‬القران‭ ‬الى‭ ‬مصحف‭ ‬بركة‭ ‬يوضع‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬والسيارات‭ ‬والجوامع‭ ‬لحمايتها‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضيع‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬القارئ‭ ‬والمتلقي‭ ‬فرصة‭ ‬التركيز‭ ‬والتدقيق‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬المصحف‭ ‬الجامع‭ ‬لعموم‭ ‬الكتاب‭ ‬والقرآن‭ ‬والذكر‭ ‬،‭ ‬لقوله‭: ‬والقرآن‭ ‬ذي‭ ‬الذكر‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬مصطلحات‭ ‬لم‭ ‬يتنبه‭ ‬اليها‭ ‬الجيل‭ ‬الاول‭ ‬من‭ ‬المفسرين،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬اصطدموا‭ ‬بحقيقة‭ ‬ان‭ ‬القران‭ ‬يفسر‭ ‬نفسه‭ ‬بنفسه‭ ‬،‭ ‬دون‭ ‬الاهتم‭ ‬بفقه‭ ‬المعاني‭ ‬التي‭ ‬فيه‭ ‬،‭ ‬ودون‭ ‬تفهم‭ ‬لمعاني‭ ‬الايات‭ ‬،‭ ‬واسباب‭ ‬النزول‭ ‬،‭ ‬لكي‭ ‬يتدبر‭ ‬القران‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬يمثل‭ ‬هنا‭ ‬رسالة‭ ‬محمد‭ -‬ص‭- ‬واما‭ ‬الكتاب‭ ‬فهو‭ ‬النبؤة‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬اوتي‭ ‬لموسى‭ ‬وعيسى‭ ‬وغيرهم‭ ‬لقوله‭ : ‬الذين‭ ‬اتيناهم‭ ‬الكتاب‭ ‬،‭ ‬وقوله‭: ‬الذين‭ ‬اوتوا‭ ‬نصيبا‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬،‭ ‬والمثير‭ ‬للجدل‭ ‬ان‭ ‬التفاسير‭ ‬المبكرة‭ ‬كتفسير‭ ‬الطبري‭ ‬والفخر‭ ‬الرازي‭ ‬لم‭ ‬تلتفت‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬الكتاب‭ ‬الجامع،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬هدى‭ ‬للمتقين‭ ‬،‭ ‬وبين‭ ‬القران‭ ‬الرسالي‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬هدى‭ ‬للناس‭ ‬،‭ ‬والناس‭ ‬مصطلح‭ ‬يفيد‭ ‬عموم‭ ‬اهل‭ ‬الارض‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فان‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬القران‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬رسالة‭ ‬محمد،‭ ‬من‭ ‬سنن‭ ‬وتعليمات‭ ‬وقوانين‭ ‬وشرائع‭ ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬عموم‭ ‬اهل‭ ‬الارض‭ ‬،‭ ‬كنقل‭ ‬الملكية‭ ‬و‭ ‬الميراث‭ ‬والزواج‭ ‬والمعاملات‭ ‬والعبادات‭ ‬واسس‭ ‬النجارة‭ ‬الشرعية‭ ‬والموقف‭ ‬من‭ ‬الربا‭ ‬والاسير‭ ‬واليتيم‭ ‬والارملة‭ ‬وبر‭ ‬الوالدين‭ ‬،‭ ‬والموقف‭ ‬من‭ ‬الزنا‭ ‬وعموم‭ ‬الفواحش‭ ‬والمواقف‭ ‬الاخلاقية‭ ‬،‭ ‬والموقف‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬السلطان‭ ‬واولي‭ ‬الامر‭ ‬والموقف‭ ‬من‭ ‬الظلم،‭ ‬ورد‭ ‬الاذى‭ ‬واقامة‭ ‬العدل‭ ‬وسن‭ ‬القوانين‭ ‬،‭ ‬فهل‭ ‬تنطبق‭ ‬تشريعات‭ ‬القران‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬دساتير‭ ‬الدول‭ ‬والامم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ومن‭ ‬بعد‭ ‬؟‭ ‬

ويبدو‭ ‬ان‭ ‬قوله‭: ‬فطرة‭ ‬الله‭ ‬التي‭ ‬فطر‭ ‬الناس‭ ‬عليها‭ ‬،‭ ‬وكما‭ ‬يذهب‭ ‬الطبري‭ ‬ان‭ ‬الصلاة‭ ‬والطاعة‭ ‬والملة‭ ‬هن‭ ‬مما‭ ‬فطر‭ ‬الله‭ ‬الناس‭ ‬عليهن،‭ ‬لكن‭ ‬الواقع‭ ‬يشير‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬ثلثي‭ ‬اهل‭ ‬الارض‭ ‬وربما‭ ‬‮٧٠‬٪‭ ‬‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬اهل‭ ‬الارض‭ ‬لا‭ ‬يصلون‭ ‬ولا‭ ‬يمتثلون‭ ‬اليك‭ ‬طاعة‭ ‬الهية‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬الامم‭ ‬تمضي‭ ‬ومن‭ ‬قرون‭ ‬الى‭ ‬ادارة‭ ‬شؤونها‭ ‬بقوانين‭ ‬وضعية‭ ‬كالصين‭ ‬وفيتنام‭ ‬وتايوان‭ ‬والكوريتين‭ ‬واليابان‭ ‬والهند‭ ‬ودولا‭ ‬في‭ ‬اوروبا‭ ‬لا‭ ‬تعتمد‭ ‬الكتب‭ ‬السماوية‭ ‬مرجعية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬اي‭ ‬تشريع‭ ‬،‭ ‬وهم‭ ‬يمثلون‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ثلثي‭ ‬سكان‭ ‬المعمورة‭ ‬،‭ ‬وهم‭ ‬ممن‭ ‬ينطبق‭ ‬عليهم‭ ‬مصطلح‭ ‬الناس‭ ‬،‭ ‬والاجابة‭ ‬ان‭ ‬الفطرة‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الشعور‭ ‬الانساني‭ ‬وفي‭ ‬الرحمة‭ ‬وفي‭ ‬اقامة‭ ‬العدل‭ ‬،‭ ‬لان‭ ‬الله‭ ‬يأمر‭ ‬بالعدل‭ ‬والاحسان‭ ‬وايتاء‭ ‬ذي‭ ‬القربى،‭ ‬وهنا‭ ‬فان‭ ‬المحدثون‭ ‬الاوائل‭ ‬والمفسرون‭ ‬الاوائل‭ ‬كالرازي‭ ‬والطبري‭ ‬وابن‭ ‬كثير‭ ‬والقرطبي‭ ‬واغلب‭ ‬التفاسير‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬الانسان‭ ‬الاخر‭ ‬،‭ ‬المختلف‭ ‬في‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والعرق‭ ‬والتاريخ‭ ‬،‭ ‬لظنهم‭ ‬ان‭ ‬الدين‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬هو‭ ‬الاسلام‭ ‬لوحده‭ ‬بصورته‭ ‬المحمدية،‭ ‬وقد‭ ‬فاتهم‭ ‬اهمية‭ ‬عالمية‭ ‬الرسالة‭ ‬المحمدية‭ ‬لقوله‭: ‬وما‭ ‬ارسلناك‭ ‬الا‭ ‬رحمة‭ ‬عالمين‭ ‬،‭ ‬فاين‭ ‬هو‭ ‬موضع‭ ‬الرحمة‭ ‬؟‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬الرسالة‭ ‬عالمية‭ ‬والواقع‭ ‬العربي‭ ‬مدمر‭ ‬مهمش‭ ‬متخلف‭ ‬ومثير‭ ‬للشفقة‭ ‬؟‭ ‬

وهو‭ ‬الامر‭ ‬الذي‭ ‬سيجعل‭ ‬الامم‭ ‬تنفر‭ ‬من‭ ‬البديل‭ ‬الاسلامي‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬التجربة‭ ‬الاسلامية‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬الاسلامية‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬المسلمين‭ ‬المتنازعين‭ ‬حول‭ ‬ابسط‭ ‬التفاسير‭ ‬لابسط‭ ‬المفاهيم‭ ‬القرانية؟‭ ‬

ان‭ ‬الامر‭ ‬يتطلب‭ ‬عملا‭ ‬مؤسساتي،‭ ‬وفرق‭ ‬عمل‭ ‬لاعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬التفسير‭ ‬التراثي‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬خلف‭ ‬فراغات‭ ‬وثغرات‭ ‬وكوارث‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬الحياتية‭ ‬وحول‭ ‬زمرا‭ ‬من‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬الفهم‭ ‬الى‭ ‬قيادات‭ ‬مجتمع‭ ‬وامراء‭ ‬وسلاطين‭ ‬،‭ ‬عملا‭ ‬بالتفاسير‭ ‬التراثية‭ ‬،‭ ‬والامر‭ ‬اخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الفرق‭ ‬الاسلامية‭ ‬المتطرفة‭ ‬والحركات‭ ‬الجهادية‭ ‬الدموية‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬امر‭ ‬هام‭ ‬وذو‭ ‬واقعية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التاجيل‭ ‬او‭ ‬التعديل‭ ‬،‭ ‬فالتفاسير‭ ‬التراثية‭ ‬مادعي‭ ‬الا‭ ‬صناعة‭ ‬بشرية‭ ‬وهي‭ ‬رهينة‭ ‬امنيتها‭ ‬وقد‭ ‬ان‭ ‬الان‭ ‬لتجاوزها‭ ‬وتقديم‭ ‬و‭ ‬صورة‭ ‬صادقة‭ ‬ومعاصرة‭ ‬للنصوص‭ ‬القرانية‭ ‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *