طريق التنمية الذي أعلنت الحكومة العراقية انها عازمة على تنفيذه في اطار نهضة تنموية واستثمارية في المنطقة من تركيا ومحيطها الأوروبي والاسيوي الى الخليج العربي ودوله الثرية، انما هو بناء كبير لابد من توفير ضمانتين اساسيتين له لينجح ويدوم غير منته بذهاب حكومة ومجيء أخرى، الى جانب الموازنة المالية الذاتية والمستجلبة .
الضمانة الأولى هي حمايته المسبقة من رياح الفساد التي ضربت مفاصل الفعاليات الاقتصادية في البلاد في خلال عقدين من الزمان من دون هوادة. وهذا يتطلب ان تخبرنا الحكومة قبل سواها عن الكيفية التي ستضمن من خلالها قيام هذا البناء الاقتصادي بمعزل عن رياح الفساد الضاربة. هناك تناقض يتراءى لعين أي مراقب ولا يمكن تجاوزه بسهولة ومن دون التوقف عنده.
اما الضمانة الثانية، فهي تهيئة الفرشة المناسبة من الشركات العراقية والخبرات المحلية والايدي البشرية الوطنية لتكون أساسا من أسس هذا المشروع والدخول في تفاصيله، بشكل يجعل اليد العليا للعراق وليس لاحد التحكم في المنافع العامة اكثر من العراق لاسيما ان اكبر عنصر مرجح وهو الجغرافيا بيد العراق بنسبة تتفوق على سواه من البلدان. ان الشركات العراقية الصناعية تحتاج في الأساس الى تأهيل لتواكب المواصفات الصناعية والإنتاجية والنوعية العاليمة وهنا تكون المهمة مزدوجة ، لا يمكن المرور السريع بشأنها او ايكالها الى وزارة واحدة دون غيرها .
هذان ضمانان تنفيذيان تحت سقف البنية الأساسية لسير عجلة المشروع بما يخص الجانب العراقي، لكن لابدّ منم ان تنطوي رؤية الحكومة العراقية على تصورات اشمل من خلال النظر الى أجواء التنافس الإقليمي العظيمة لاسيما انّ ايران ذات الحدود الطويلة جداً مع العراق وذات النفوذ المتعدد في مفاصل مختلفة هي في التصميم الأساس خارج المشروع ، وانها تتجه لتنسيق واضح مع روسيا وأجنحة دولية أخرى لضمان قيام مشروع يبدو منافساً وليس تكاملياً .اذ يأتي الإعلان العراقي عن مشروع التنمية بالتزامن مع تنفيذ روسيا مشروع آخر في المنطقة من ميناء بندر عباس جنوبي إيران إلى مدينة سان بطرسبرغ