لا يدرك فظاعة الادمان الا من تورط به والمقربون من زوجة وأبناء واسرة، ذلك انه الاستلاب الفعلي لارادة وكرامة الانسان ،هو العبودية بأبشع صورها والانسلاخ عن كل ما هو حيوي وبسيط وطبيعي في الحياة ،هو الانزواء في قوقعة مظلمة والدوران داخلها في حلقة جهنمية مرعبة مابين احتياج وإرضاء لدرجة تجرد الضحية..”المدمن” حتى من ابسط مشاعره الانسانية، المشاعر التي لا تستقيم الحياة دونها .
كلنا شاهد قبل ايام من على وسائل التواصل الاجتماعي ذلك الفيديو الصادم لامرأة تعذب طفلة والذي اختلف فيه عن البلد الذي تم فيه التصوير وتعالت الاصوات لانقاذ الطفلة المسكينة وإعادتها الى اهلها ان كانت مخطوفة ..حتى ظهر فيديو لمتخصص في مجال التعقّب منح الناس شيئا من الراحة اذ اكد ان هذا الفيديو قد بث قبل اسابيع من وصوله الينا وانه قد صور في نيكاراغوا على حد قوله ، ومن كانت تعذب الطفلة المسكينة هي امها !! ا
لمدمنة على المخدرات التي تعمد الى تصوير مثل هذه الافلام مقابل مبلغ من المال فقط لمجرد الحصول على حفنة دولارات ارضاء لادمانها . ان كان الخبر صحيحا فيحق لنا ان نتنفس الصغداء لان الطفلة ستوكل الى ثقاة من الاقارب هي وأخويها او الى احد الملاجيء لينعموا بشيء من الطمأنينة،اما الام فاودعت الى مصح للادمان .
ما يهمنا بهذا الخبر ويقلقنا في الوقت ذاته الحالة التي يصل اليها المدمن فتجرده من ابسط غرائزه الانسانية من حنان وعطف ورحمة تجاه اقرب الناس اليه . يعرف الطب النفسي الادمان على انه اضطراب في الدماغ يتسم بارتباط قهري بمحفزات نظام المكافأة في الدماغ على الرغم من العواقب الضارة.
الا ان النشوة الزائفة التي يسببها التعرض المتكرر لمحفز الادمان هي العلة المرضية الاساسية التي تدفع لتطور حالة الادمان ما يسبب الحاجة الى تعاطي المزيد للحصول على التأثير نفسه كما تصبح الالوان اشد وضوحا والاصوات مشوشة مصحوبة بالهلع مع معاناة من البارانويا او جنون الارتياب،ناهيك عن ان الحاجة الى التعاطي قد تدفع البعض الى ارتكاب الجرائم.
ممر عبور
على مستوى بلدنا يؤكد الخبراء ان العراق كان ممرا ومعبرا للمخدرات ولكن مؤخرا وبسبب الفوضى اللاخلاقة وضعف الدولة وتراخيها والازمات الاقتصادية والنفسية والمجتمعية اضافة الى الجهل المطبق بآثارها الوخيمة ،كلها اثرت سلبا وادت الى سعة انتشار هذه الافة السرطانية بشكل صارخ.الامر الذي يدق ناقوس الخطر ويدفعنا جميعا لتوحيد الجهود مؤسسات رسمية وغير رسمية واعلامية لضرورة وضع حد لهذه الظاهرة الدخلية على مجتمعنا.