-1-
هناك من يحلو له أنْ يرمي سهام النقد الموجع لتصيب الجميع دون استثناء .
وهذا اللون من الخطاب الشامل للصفوة الطاهرة من الناس ليس مما يتطابق مع الواقع حيث أنّ الحياة كما تضم الفجّار تضم الأبرار وأين موقع الابرار من هذا الخطاب الناري ؟
-2-
والبشرية منذ فجرها الأول امتُحنَتْ بعناصر لا تراعي حرمة الدماء والحقوق والحريات بل يتلذذ بعضهم باراقة الدماء، وتاريخ الأرض دنسه الطغاة والجبابرة والفراعنة وعتاة المجريمن .
ولم يكن الطاغية العفلقي الجبّار المقبور الاّ المثال البارز للانسلاخ مِنَ القيم الانسانية كلها ، وقد تم على يديه تصفية كبار القياديين من البعثيين انفسهم فضلاً عمن سواهم من الأحرار والحرائر وضحايا المجازر والمقابر الجماعية .
-3-
وقد دأب بعض الشعراء على النَقْد المرّ لا لخصومهم فقط بل للناس أجمعين في منحى مغموس بالتهويل والمبالغالت
ونكتفي بذكر مثاليْن فقط :
قال احدهم ناقداً :
رايتُ الناسَ خَدّاعَاً
الى جانِبِ خَدّاعِ
يعيثون مع الذَئبِ
ويبكونَ مَعَ الراعي
أرأيت كيف ساوى بين الصالح والطالح من الناس ولم يستثن احدا على الاطلاق ؟
وقال الآخر :
الناسُ في كُلّ العصورِ
هُمُ الضواري الكاسِرَهْ
خَضَبوا الأكفَّ بما أسالوا
مِنْ دماءٍ طاهِرَهْ
ومَضَوا يعيثونَ الفسادَ
قياصراً وأكاسِرَهْ
والنقد هنا منصب على جميع الناس دون تفريق بين أهل الورع والدين وبين كبار العابثين والمجرمين والمساواة بين الفريقين ليست مقبولة .
-4-
نحن بحاجة الى نقد موضوعي بنّاء ولسنا بحاجة الى دمدمات منبعثة عن انفعالات واحتقانات بعيدة عن الحقيقة .