تتباين الاذواق وتختلف طبقاً للمفاهيم الاساسية التكوينية للبشر على اعتبار ان الذَوْق بمعناه الشمولي يعني الادب السلوكي في تقدير المواقف لمعرفة ما هو مناسب اجتماعياً ام غير مناسب، وطبقاً لذلك فأن التعدد الفكري في تقدير تلك المواقف مختلف حتماً بين شخص واخر ويعتمد ذلك على العمر والجنس والثقافة والمكانة الاجتماعية وغيرها من الامور التي تدخل مباشرة في التكوين الشخصي والفكري للأشخاص.
لذلك قد تتطابق وتتشابه تلك الأذواق في مجال معين وقد تختلف ولكنها لا تفُسد في الود قضية طالما انها لا تتجاوز الموانع الاجتماعية التي حددتها القوانين والانظمة والاعراف الاجتماعية، بالعكس فأنها تكون بمحل احترام الاخرين كونها من الحُريات الشخصية والفكرية لا دخل للإلزام في تحديدها كوننا نعيش في مجتمعات مبنية على مجموعة من الاختلافات التكوينية في كل شئ وهذا يبدأ من المجتمعات الصغيرة المتمثلة بالأسرة وصولاً الى المجتمعات المتوسطة وصولاً للمجتمع العالمي.
ففي البيت الواحد تختلف الاذواق بين الزوج وزوجته وبين الابناء ومع ذلك فأنهم متعايشين فيما بينهم فمن الممكن ان يكون احد الابناء لا يرغب بأكلة معينة وهنا تضطر الام لعمل شئ اخر ارضاءً لولدها وضماناً لديمومة جمعتهم على سفرة واحدة بدون زعل او مشاكل، وطبعاً ذات الشئ ينطبق على المجتمعات السكانية لا سيما اذا كانوا يعيشون في مجمع سكني مفروض عليهم التصميم واللون وغيرها وهكذا وصولاً الى المجتمع الكبير المتمثل بالمحافظة حيث لكل محافظة تقاليد معينة واعراف اجتماعية تقف عندها بعض المفاهيم المختلفة وقد تُقيدها دون المساس بكرامة الشخص لكونها لا تُمثل النهايات طالما هناك بدائل معينة.
مجتمع متكامل
ولو تحدثنا بصراحة فأن اطلاق العنان للحريات الشخصية بالتعدد اللامدروس او غير المنظم قد ساهم بشئ من التَغُير في الاذواق الشخصية لا بل كان سبب بالإفراط بها من خلال فرض ذوق معين على مجتمع بالكامل وبالتالي اصبحت هناك تدخلات فكرية مشوشة غير منتظمة ولا مُسايرة للأفكار المجتمعية ولا مقبولة اجتماعياً لا بل منافية للذوق العام والذي بمخالفته تُنتهك الضوابط والقيم الاجتماعية.
لذلك قد نجد بعض الافعال والتصرفات الشخصية في الشوارع والاماكن العامة والتي هي وفقاً للمعطيات العامة فأنها لا تتوافق مع الذوق العام وتدخل ضمن المفاهيم والتصرفات الخادشة للحياء ومؤثرة بشكل مباشر على تواجد الاخرين في هذه الاماكن مما يُسبب امتعاض منهم ضد هؤلاء، فقد يلجأ بعض الشباب من اطلاق عبارات مُعيبة والفاظ سوقية وحركات وتصرفات غير لائقة في الاماكن العامة دون وضع اي اعتبار لتواجد الاخرين، وقد يلبس بعضهم ملابس لا تتوافق مع الذوق العام وتُعتبر غير لائقة وليست بموقع لبسها كما نُلاحظ هذه الظاهرة مُنتشرة حالياً وبتزايد والتي يعتبرونها من الحريات الشخصية ولكنها في حقيقتها هي حريات منفلتة ويجب ان تُقيد داخل المجتمعات المُحافظة والتي تحكمها كلمة تربىت عليها الاجيال وهي (عيــب) والتي تعني الكثير فقد ترك البعض ملذاته وترك اخرون افعالاً معينة قد تكون ذات منفعة لهم بسبب هذه الكلمة التي تُقيد الرغبات وتُحكم العقل والوجدان وتؤنب الضمير، وهي بطبيعتها كلمة غير ملموسة ولكن نُحسب لها حسابات كونها من الخطوط الحُمر التي تقف عندها الرغبات والتصرفات حتى لا يخرج الفرد من الاطار المجتمعي. فيا من تلبسون وتُثيرون الشهوات من الرجال والنساء ويامن تتصرفون وتتحدثون بما لا يُليق ويامن تسعون للفساد كسعيكم للشر ويامن تسرقون وتنهبون الاخرين ويامن تتسكعون في وظائفكم على حساب المواطنين ويامن تسرقون ساعات العمل وتنهبون رواتباً كان غيركم بحاجة لها، ويامن تتحدثون وتغتابون وتُلفقون وتُنافقون كفى فـ(العيب) لازال موجوداً يحمه القانون والاعراف والتقاليد الاجتماعية في بلد اقل ما يُقال عنه بلد الكرامات وارض المقدسات.
{ استاذ مساعد دكتور لواء