الفوضى أختلاط واختلال النّظام، وهي إختلاط الجيّد بالسّيء والحق بالباطل، أو بمعنى خلط النقيضين وجمعهما معاً،
والغرض من الفوضى هو تحقيق مآرب خاصّة لا يمكن تحقيقها إلّا بظروف استثنائيّة غير لافتة للنّظر أثناء حدوثها، ولا يوجد وقت ذهبيّ لتحقيق أي شي أفضل من وقت الفوضى؛ فالجميع في منأى عن القضايا المصيريّة والجانبيّة؛ لأن التّفكير يصبح فردياً مشتملاً على المنفعة الخاصّة والمصلحة الشّخصيّة، ولا دور للمصلحة العامّة أو الفائدة الجمعيّة وقتذاك،
تتنوع أشكال الفوضى بتنوع مصطنعيها، واختلاف وقتها، وتنوع غرضها، فتتنوع بين الفوضى السّياسيّة والإقتصاديّة والمجتمعيّة،
صناعه الفوضى تكون معدّة بإحكام ووفق خطط مدروسة حول طبيعة المجتمع وطبيعة تفاعله مع هذه الأزمة أو تلك وبالتّالي فإن الأزمة أو الفوضى الّتي تُصنع، تُصنع بحجم الانشغال المطلوب لتمرير قضية ما، أو التّكتم على صفقة ما، أو عدم إثارة الجدل حول موضوع ما، ويمكن أن نلخص أبرز جوانب الفوضى:
الفوضى في الجانب السّياسيّ أدّت الى عدّة إفرازات في هذه السّاحة من ضمنها فتح الباب على مصراعيه لتكوين تكتلات وأحزاب هدفها الهيمنة على السّلطة والتّحكم في موارد البشريّة البلد والهيمنة على مقاليد الحكم ومن ثمّ شرعت قوانيناً خاصّة تخدم تلك الأحزاب وتعطيها مشروعيّة في الحكم وترفض كلّ ما سواها من أية مظاهر إجتماعيّة أو سياسيّة وغيرها، علاوة على ذلك فإن هذه الأحزاب لا تمتلك المؤهلات القياديّة للبلد؛ لإفتقارها للأنظمة الداخليّة المعدّة بصورة صحيحة، إضافة إلى افتقارها إلى البرامج الواقعيّة،
أمّا الجانب الإجتماعيّ حيث تمّ إدخال عدّة عادات من شأنها زعزعة الأمن المجتمعيّ والتّخلي عن عادات كانت تمسك بزمام الوحدة المجتمعيّة ومن شأنها رفد البلد بالأمن والاستقرار، فأصلح المجتمع عرضة لكثير من التّصرفات الدّخيلة الّتي تبتعد عن الأخلاق مما أدّى الى شرذمة المجتمع عدم توحيد كلمته وخرق صفوفه وإبعاده عن قيمه السّمحة وأعرافه الجميلة، الّتي لطالما كانت عنوانه الأجمل، وصفته الأبرز، ووجهه الأنجع.
أهمية بالغة
أمّا في الجانب التّعليميّ فقد أولوا أولئك السّلطيون الى هذا الجانب أهمية بالغة؛ بحيث استهدفوه استهدافاً تامّاً من خلال إضعاف التّعليم من خلال استهداف المدارس وخاصّة في التّعليم الإبتدائيّ والثّانويّ، بل حتّى الجامعات عانت من هذا النّظام، خصخصة التّعليم الّذي هو بداية لتمييع دور التّعليم وإذابة رصانته، وتمكين الجهلة غير المتعلمين من تسنم مناسب إداريّة في البلد أو في الجامعات وغيرها، والّتي تنعكس سلباً على مستوى تطور الرّقابة للبلد،
الفوضى في التّعليم هي فوضى في جانب حيويّ مهم من حياة البلد وهي باب للسّرقات ومشروع للصّفقات الوهميّة،
الجانب الإقتصاديّ تمّ ولوج ما يسمى بالمقاولين الجدد الّذين يفتقدون لأدنى المقومات الأساسيّة في الجانب الإقتصاديّ ودخولهم السّوق من خلال خطط غير مدروسة في هذا الجانب، ويتم ذلك من خلال تقديم التّسهيلات لهم من قبل الأحزاب المتسلطة على الحكم وبالتّالي دفع أموال دون وجود إيرادات واقعيّة تتناسب وحجم الأموال وحجم متطلبات البلد،
الجانب المجتمعيّ أو العشائريّ فقد تمكّنت الأحزاب من فرض هيمنتها بتسلط وجوه جديدة لا تمثل الجانب العشائريّ أو زعاماتها بأية صلة والّتي أفرزت جانباً من التّشضي والتّفرقة بين أبناء المجتمع العشائريّ فأضحى الشّبّان الصّغار يصولون ويجولون تحت المسميّات الرّنّانة مع توفر المال السّائل من قبل الأحزاب الّتي تدعمهم؛ ليعطوهم غطاء مجتمعيّ لتحقيق أهدافهم الخاصّة،
وفي الجانب الجانب الأسريّ شرعت الأحزاب المتسلطة قوانيناً من شأنها تفتيك النّسيج الأسريّ مثل قوانين التّعنيف المبالغ بها فأعطت مساحة كبيرة للتّشضي الأسريّ وتفكك الأسر المترابطة، ما نعول عليه كثيراً هو الوعي، الوعي هو الفيصل متى ما وعى النّاس وعلموا ما يحيطهم من مؤامرات هدفها تحقيق مآرب أكبر ما يبدو في السّاحة عندها ينتبه الشّعب لما يواجهه من مشكلات ويسقطها، ونأمل بالطّبقة النّخبويّة أن تحذو حذواً جيّداً في التّصدي لهكذا مؤامرات هدفها خلق الفوضى في هذه الجوانب المتعدّدة للمجتمع والّتي من شأنها أبعاد المجتمع عن قيمه وأعرافه الإجتماعيّة، ويتسلح به لمواجهة الهجمات المتكرّرة الّتي من شأنها اضعاف المجتمع وإضعاف أسره الّتي هي بذرة المجتمع وبالتّالي أضعاف البلد الّذي لطالما وقف بوجه الهجمات على أمد الدّهر، نأمل بهم خيراً جميعاً.