تنتظرني كتبٌ كثيرة ومهمة، والوقت يضيق. يحزنني أنْ أقرأ كتاباً مهماً، مذكرات أو رواية أو غير ذلك! يحزنني أنْ أقراه ولا أكتب عنه! ويحزنني غياب الحافز، حافز الكتابة مع الانحسار الكبير للصحف والمجلات، توقف الكثير، وتقلصت عدد صفحات ما صمدَ منها بحكمة رئيس التحرير! مع مضاعفة قيود النشر أمام كثرة الكتاب الشباب!
نيكسون يستشهد بمقولة أوكتافيو باث الشاعر المكسيكي النوبلي الشهير، وينسبه مخطئاً إلى البرازيل ويسميه الشاعر والمعلق البرازيلي!! (نصرٌ بلا حرب/ ص311) الكتاب ليس لكاتبٍ عادي، كاتبه ريتشارد نيكسون الرئيس السابع والثلاثون للولايات المتحدة. خلال الحرب العالمية الثانية fمنصب ملازم في البحرية في المحيط الهادئ. عضو الكونغرس ونائب الرئيس لدورتين والرئيس لدورتين أيضاً. لا بُدَّ أنَّ الكثير قام بمراجعة الكتاب قبل طبعه، لا بدَّ أنَّ لدار النشر الشهيرة، مراجعون أيضاً، ولا بد أنَّ لمركز الأهرام للدراسات في القاهرة سنة 1988 مراجعون أدباء أقوياء!
ما الذي جعلَ نيكسون يعتقد باث برازيلياً؟ وما الفرق بين المكسيك والبرازيل عند نيكسون؟ الذي لا تهمه أسماء دول ولا يهتم بدول أمريكا اللاتينية، إنَّه لم يتحدث إلا عن وجوب احتواء واشنطن لأمريكا اللاتينية مهما كان الثمن! وأشكُّ بفهم نيكسون وصحة اقتباسه من باث قوله (الأخلاق ليست بديلاً لفهم التاريخ). والذي لم يكن مهتماً بتفسير التاريخ وفهمه، بقدر اهتمامه بالتحرر منه، باعتبار كل قصيدة محاولة للمصالحة بين الشعر والتاريخ لصالح الشعر! وباعتبار العلاقة بين البشر والتاريخ، علاقة تبعية وعبودية. البشر المادة الخام للتاريخ، البشر ضحايا التاريخ الذي لا يتحقق إلاّ على حسابهم.
استخدام عنف
ويعتقد نيكسون ويُحرِّض على وجوب تغيير العالم الثالث، سِلماً أو باستخدام العنف! لكنه يعتقد أيضاً، أنَّ الازدهار الاقتصادي لشعوب العالم الثالث، وحده لا يكفي، وأنَّ الشباب هناك لا يريدون مزيداً من الحرية ولا مزيداً من المعاشات والوظائف، إنَّهم يريدون شيئاً يؤمنون به! ويستشهد بالتغيير في إيران. (إنَّ رياح التغيير في العالم الثالث تكتسب قوة العاصفة.
ونحن لا نستطيع إيقافها، لكننا نستطيع أنْ نساعد في تغيير اتجاهها.
فعندما يحتاج الناس إلى التغيير ويريدونه لا يكفي الوقوف في وجه التغيير الثوري، إنه يجعل الأمور أسوأ. إنَّ الفكرة الطيبة هي خير رد على الفكرة السيئة. إن الازدهار وحده لا يكفى في كثير من أجزاء العالم الثالث، خاصة العالم الاسلامي وإيران مثال لذلك. إن القول بأن سبب الثورة الإيرانية، هو فساد الشاه وقمع الشرطة وفقر الجماهير، ليس إلا أسطورة. ذلك تصور خاطئ ببساطة. فخلال حكم الشاه كانت إيران أفضل حالاً مِن أيِّ بلد آخر في المنطقة عدا إسرائيل. وأذكر أن الشاه أخبرني، عندما رأيته في المكسيك قبل فترة قصيرة من ذهابه إلى مصر ليموت فيها أنه أرسل عشرات الألوف من الطلاب للكليات في الولايات المتحدة فقط، ليعودوا وينضموا للثورة ضده. لقد حرر المرأة، وانضمت كثيرات من النساء للثورة التي أعادتهن إلى القفص).
ويرى نيكسون بأنَّ الصين لن تعود إلى علاقاتها القديمة بالاتحاد السوفييتي، ورؤيته هذه، إبان الحرب الباردة، كإشاعة أمل، وأشبه بحلم السجناء المجرمين بعفو عام شامل ما فتئَ يتكرر في عراق هو الأكثر استقراراً وأمناً في الشرق الأوسط منذ 1958. فالصين لا تريد أبداً أنْ تكون شريكاً صغيراً في الكتلة الشيوعية. وأيام تبعية الصين قد ولت. وزعماء الصين لديهم من الحكمة ما يدعوهم إلى استقبال كلِّ مَن يطرق بابهم. وقد لخص دنج ببلاغة السياسة الخارجية للصين المستقلة عندما قال لي في عام 1985: إننا لَنْ نربط أنفسنا بعجلة واحدة! وليت ساستنا يرون العجلة المشتعلة الوحيدة الغريبة التي ربطوا أنفسهم بها وبقوة!!!!