أجرت اللجنة المالية في البرلمان العراقي جملة من التعديلات على المادتين 13و 14 والمتعلقتين بحصة الكورد في قانون الموازنة العامة اثارت عند اعلانها العديد الملاحظات والاعتراضات. وقد صرح النواب الكورد (أغلبهم) بان التعديلات المقترحة تشكل مخالفة وانتهاك للاتفاق السياسي المبرم بين الأحزاب السياسية المكونة لتحالف إدارة الدولة والذي تم بموجبه تشكيل الحكومة العراقية الحالية برئاسة السيد محمد شياع السوداني في اكتوبر من العام الماضي. كما عدها آخرون مخالفة صريحة للاتفاق الموقع بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان في شهر نيسان الماضي حول تسويق النفط المنتج من ألأقليم وادارة العوائد النفطية.
ويبقى الانتقاد الأكبر لهذه المقترحات أنها تخالف عددا من المواد الدستورية كالاتي:
أولا: إعادة صياغة الفقرات المختلفة في المادتين 13 و 14 تعتبر مخالفة صريحة للمادة 62- ثانيا من الدستور العراقي والتي تنص على (لمجلس النواب اجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة العامة وتخفيض مجمل مبالغها..). هذا يعني أن الدستور لا يبيح للبرلمان إعادة صياغة مواد ولا إضافة مواد جديدة إلى المسودة المقدمة من قبل الحكومة.
ثانيا: ان اللجنة المالية, في الفقرات (أولا وثانيا وثالثا) من المادة 13، أستحدثت 3 شروط لأرسال حصة الاقليم من الموازنة وهي: تصدير 400 ألف برميل نفط يوميا وتسليم كافة الإيرادات غيرالنفطية ثم إجراء التدقيق والمراجعة المالية لهما) قبيل ارسال حصة الأقليم والتي أتفق على أن تكون بنسبة 12.6 بالمئة من الموازنة العامة. وهذا التعديل يعتبر مخالفة صريحة للمادتين 112- أولا والمادة 121- ثالثا من الدستور. وهاتان المادتان تنصان على تخصيص حصص عادلة للمحافظات والأقاليم من الأيرادات الأتحادية تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها) دون أية اشتراطات, باعتبارهذه الحصص حقوقا دستورية مكتسبة.
ثالثا: أما ما جاء في تعديل المادة 14- تاسعا واثنا عشر, فهي تعتبر تدخلا في تفاصيل واجبات إدارية من صلاحيات حكومة الإقليم. وهذه االصلاحيات مكفولة بالمادة 121- أولا من الدستور. كما ان الدخول في مثل هذه التفاصيل في مسودة قانون الموازنة يتجاوز الوضع الدستوري لإقليم كوردستان المكفول بالمادة 117- أولا من الدستوروالتي تنص (يقرهذا الدستور عند نفاذه اقليم كردستان وسلطاته القائمة, اقليما اتحاديا).
ويتفق العديد من المحللين السياسيين أن التعديلات التي اقترحتها اللجنة المالية تحمل في طياتها, وللاسف, جنبة سياسية واضحة و ستفتعل أزمة سياسية في توقيت خاطئ سينجم عنها تأخير إقرار الموازنة المتأخرة أصلا ونحن على مشارف منتصف العام 2023.
وربما يكون من الحكمة ابقاء واحترام مسودة قانون الموازنة التي أرسلتها الحكومة مع اجراء تغييرات طفيفة لاتخالف مواد الدستور وتنصف الشركاء في العملية السياسية ولا تتجاوز أيا منهم وتضمن المنفعة القصوى للشعب العراقي في كافة أرجاء الوطن. فالحكومة ووزارتي المالية والتخطيط تدرك التفاصيل المالية والاقتصادية للموازنة والتوزيع الأمثل للاستحقاقات المالية لأبواب الصرف المختلفة وكذلك التخصيصات المتوفرة لتنفيذ جميع فصول الموازنة.
وللخروج من هذه ألآزمة, نتأمل من حكماء القوم من القيادات السياسية إلى التدخل والخروج بقرارات حاسمة وحلول توفيقية منصفة تحترم التفاهمات السياسية والأتفاقيات الحكومية في الوقت ذاته وتحفظ المصداقية وتعزز الثقة وتضمن ديمومة الاستقرارالسياسي الذي تشهده البلاد منذ مباشرة حكومة السيد السوداني قبل نحو سبعة أشهر. والأهم من ذلك, تلافي المزيد من التأخير في تمرير موازنة يتطلع المواطن البسيط أن تغير من حياته وتقلل بعضا من معاناته التي تبدو وكأن لا نهاية لها.
{ اكاديمي عراقي