تمهيد :

العلم هو أثمن شيء يُنفق العمر فيه .

وقد جاء في التاريخ :

انّ النبي (ص) كان يحدّث رجلاً وقت العصر فأوحى الله اليه :

إنّ الرجل الذي تحدثُه لم يبق من عمره غير ساعة ،

فأخبره النبي (ص) بذلك فقال :

دُلّني على أفضل عمل أقوم به هذه الساعة ؟

فقال (ص) :

” اشتغل بالعلم “

فصار الرجل يتعلم حتى فاضت روحه قبل الغروب وهو مشغول بأفضل الأعمال عند الله .

-1-

وفي هذا السياق تأتي قصة السكّاكي العالم الشهير مؤلف كتاب (مفتاح العلوم ) .

وكان سراج الدين السكاكي حدّادا أيام شبابه ، واستطاع أنْ يصنع مِحْبَرةً صغيرة من حديد ولها قفل عجيب ولم يكن يزيد وزن المحبرة عن قيراط واحد ، وأحبَّ أنْ يُهْديَها الى السلطان وحين قدّمها له استحسنها السلطان وندماؤه وأمر له بمكافأة مهمة .

وبينما كان واقفاً بين يَديْ الملك دخل رجل فقام له الملك تعظيما وتوقيرا وأجلسه الى جانبه ، وحين سأل السكاكي عنه قيل له :

انه احد العلماء .

وهنا فكر السكاكي وقال في نفسه :

لو كان من العلماء لنال من السلطان فائق التقدير والاحترام .

كان عمره يومذاك ثلاثين عاماً، فقرر الدراسة واتجه الى المدرسة وانضم الى طلابها

قال له المدرس :

احفظ هذه الجملة :

” قال الشيخ :

جِلْدُ الكلب يطهرُ بالدباغة “

ولم يستطيع السكاكي ان يحفظ الجملة وحفظها بشكل آخر وهو( قال الكلب جلد الشيخ يطهر بالدباغة “

وضحك الحاضرون حين سمعوه يقرأ تلك الجملة .

لقد صعب عليه الفهم والحفظ حتى أوشك ان يصل الى مرحلة اليأس .

واتفق أنْ وقع نظره على ماء يسقط من مكان مرتفع على صخرة صماء وقد أثّر فيها الماء وأحدث فيها ثقبا ، وكان هذا المشهد سببا لمخاطبة نفسه ليقول لها :

ليس قلبك أقسى من الصخرة ، ولا ذهنك أصلب منها حتى لا يتأثر بتكرار الدرس واستمراره ،وعزم على الرجوع الى الدراسة وانكب عليها،

حتى فتح الله له ابواب العلوم وأصبح من مشاهير العلماء .

وهكذا يتجلى لكل ذي بصيرة قدرة الانسان المثابر الصابر على الفوز باللباب وعلى تجاوز الصعاب .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *