من العوامل الأساسية التي يولد معها العمل الناجح بالمنظور الإداري السليم؛ هو أن يكون التخطيط المسبق حاضراً مع الفكرة قبل بدء التنفيذ. وقد شهد العراق تراجعاً عمرانياً وخدمياً بعد عام 2003 لأسباب أمنية وإدارية تداول الحديث فيها كثيرٌ من أرباب الأقلام والمثقفين والمراقبين في طروحاتهم اليومية على شاشات التلفاز، أو في الصحف اليومية، أو على ألسنة أبناء الشعب عامةً، حتى تبدَّل الحال وظهرت في مرابعنا أُمارات الأمن والأمان تلوح من جديد، بفضل فاعلية أجهزة الدولة الأمنية التي أخذت على عاتقها زمام المبادرة وقطعت للوصول إلى نهاية المطاف أشواطاً بعيدةً، تكاد أن تحرز فيها مرحلة الختام بمشيئة الله تعالى. وفي خضمِّ هذه الأجواء التي انكشف عنها لبد الغيوم وُلدت لنا حكومةٌ تشرأبُّ إليها الأعناق، وتُعقد عليها الآمال في إعادة العراق إلى مجده الأثيل مجدَّداً. وقد يكون من أبرز المفارقات التي تمخضَّت عنها العملية، هو أن يكون رئيس الحكومة من أبناء الداخل، من الذين عاشوا المِحَن والآهات في ظلِّ النظام المُباد، وصبَرَ على هذه الإحن حتى منَّ الله تعالى علينا باندحارها وزوالها إلى أبد الدهر. لقد كنَّا بأمسِّ الحاجة كعراقيين إلى من تحسس آلامنا وشعرَ بها… إلى مَن تقاسم معنا رغيف الخبز المعجون بنخالة الطحين وكرب النخيل وأشياء أخرى لانعلمها …..!! فلاريب أن هذا الأنسان سيكون هو الأنموذج الأمثل لقيادة العراق والدفاع عن شعبه ومقدراته. وأول ما تجلَّت عنه بوادر الأمل، هو الإهتمام بما يعيد إلى المواطن كرامته بالعيش الكريم، ولاسيَّما الطبقة المسحوقة منهم، التي تجد صعوبةً في احتياجاتها اليومية حيث بادرت وزارة العمل والشؤون الإجتماعية إلى تفعيل هذه المبادرة بزيادة عدد الباحثين، ورفع الراتب الشهري لمستحقي الرعاية، والعمل يجري على قدمٍ وساق من أجل احتضان هذه الشريحة بمزيدٍ من المبادرات التي تسعفهم من أجل التغلُّب على شظف عيشهم وقساوته. وإذا اعتادت آذاننا قبلاً المقولة ذائعة الصيت ( الوحدة بآمرها)، فإنَّ السيد رئيس الوزراء قد قدَّم جهوداً مباركة بوقتٍ قياسي قصير- إذا ماقورن بإداء من سبقه – ووقفت قدماه بثقةٍ واعية على قضايا مربكة للعمل بسبب البيروقراطية في الإدارة، أو عدم احلال الشخص المناسب في المكان المناسب، حيث اتخذت حكومته اجراءاتها العملية منذ فترة قصيرة بتنقية هذه الأجواء غير الصحية، ومازالت التأدية تنتظر المزيد من الخطوات الجدِّية المباركة، وبذلك أصبحت (بوصلة السوداني) تضع الأمور في نصابها الصحيح، من أجل دفع عجلة التقدُّم إلى أمام، ومحو الصورة المشوَّهة التي رافقت العملية السياسية في العراق طيلة عشرين عاماً دُجِّنت جميعها بالفوضى والإرباك وخيبة الأمل.