كنا اطفال، محلة القشل والدهانة، صباح كل كانت مديحة تفرش اواني اللبن الخاثر الخشبية بجانب حائط بيت المصارع العراقي عباس الديك رحمه الله تعالى في محلة القشل. تدور مديحة بائعة اللبن على البيوت لتجهيزها ونحن نسير خلفها ونلاحقها منبهرين بجمالها الأخاذ، طول فارع ،رقبة طويلة وعيون واسعة وفم دقيق (جنهة مصقولة) وهي تضع الفوطة البغدادية بطريقة جميلة وخصر دقيق يبرزه ثوب اسود مخصر (كلوش) وصدر بارز مغطى بالفوطة السوداء تلف على خصرها العباءة البغدادية لتتدلى الى الأسفل وهي تسير برشاقة والعباءة المتدلاة تهتز مع خطواتها الرشيقة. تضع اواني اللبن الخشبية على رأسها مما يزيد جمالها وطولها الفارع، تلتفت الينا وتبتسم ابتسامة مشرقة. كانت إحدى أيقونات الجمال في المحلة وضيفة دائمة على بيوتنا.
امهاتنا كن يعرفن لماذا نحن نلاحقها ولكن ابتسامتهن العريضة كانت تشجعنا.