مضت عدة أيام على أعلان وزير النفط العراقي الاتحادي جاهزية العراق لتصدير النفط عبر ميناء جيهان لكن انقرة تماطل بذلك والمطالب التركية باتت معروفة وهي تتلخص بتحميل إقليم كوردستان العراق مبلـغ هيئة تحكيم دولية، التي ألزمت تركيا، بدفع 1.5 مليار دولار إلى العراق، لقاء تصدير النفط من كوردستان العراق عبر ميناء جيهان ما بين الأعوام 2014-2018 من دون موافقة بغداد، وكذلك فإن أنقرة تريد المحافظة على أستمرار تدفق النفط من كوردستان العراق بأسعار مخفضة، وتريد أيضا أن لا تعود رسم المرور إلى السعر 1.12 دولار للبرميل كما كان عليه قبل عام 2014 هي تضغط باتجاه اتجاهات عديدة.
الاتراك يريدون أيضا أن لا يحسب العراق فوائد على الرصيد المتراكم الناجم عن مبلغ الغرامة الذي فرضته محكمة باريس، لذلك هم تهددون أيضا بأنهم من الممكن أن تفكر جديا مع كردستان العراق بمد انبوب آخر دون موافقة الحكومة الاتحادية غير الأنبوب العراقي التركي وهذا الانبوب سيسمح لها بتصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي بعيدا عن الحكومة العراقية الاتحادية هي تحاول حتى أستخدام ورقة المياه في الضغط على العراق، لكن يبدو إنه في النهاية أن نقطة الضعف أصبحت واضحة بالموقف التركي لأن تركيا أيضا حريصة على أن تكون ممرا آمنا لأنابيب النفط والغاز وهي موقعة أصلا على لائحة الطاقة.
ضعف الجانب التركي لان قرار المحكمة الدولية في باريس هو قرار ملزم وغير قابل للاستئناف وتركيا تعرف نفسها إنها ملزمة بتنفيذ هذا القرار حتى إن العراق ذهب إلى محكمة الفيدرالية الأمريكية من أجل تنفيذ هذا القرار وتركيا تعرف إنه في النهاية ستنصاع للأمر، وستفتح أنبوب النفط العراقي التركي، لكن تحاول قدر الإمكان الحصول على بعض المزايا من خلال الضغط والمماطلة.
الحلول المطلوبة من العراق اليوم، الاتفاق أوبك بلاس الذي عقد الاحد 4-6-2023 قرر خفض الإنتاج بـ 3.66 ملايين برميل يوميا لضمان استقرار سوق النفط وذكرت وزارة النفط العراقية أنها ستمدد الخفض الطوعي لإنتاج النفط بمقدار 211 ألف برميل حتى نهاية 2024.
العراق ربما أيضا يفكر بطرق بديلة مثلا استخدام جزء من نفط كردستان غير المصدر في الاستهلاك المحلي لمصافي أربيل وكركوك ومصافي بيجي ويمكن أن يطور تصدير النفط عبر الصهاريج كما تفعل شركة كار النفطية تصدر من حقل خورمالة 40 الف برميل يومياً إلى تركيا وايضا ممكن مضاعفة هذا الرقم، وممكن أن يصل العراق إلى اتفاق سريع مع الأردن من أجل زيادة حجم الصادرات إلى الأردن من عشرة إلى أكثر من 100,000 برميل، لأنه الأردن يستوردون يومياً أكثر من 150 ألف برميل يومياً، كما يمكن العمل سريعا على تطوير بعض الطاقات التصديرية من الجنوب من 3.3 مليون برميل إلى 3.5 مليون برميل وهو من شأنه تخفيف الأزمة، لكن تبقى المشكلة في الطاقات التصديرية بالجنوب تبقى محدودة ، لذا فقد قررت الحكومة العراقية الموافقة على تخصيص حوالي 417 مليون دولار لمشروع بناء أنبوب التصدير البحري الثالث لتعزيز وزيادة الطاقات التصديرية للخام بنحو 500 ألف برميل يوميا من المنافذ التصديرية المطلة على الخليج في مدينة البصرة.
اعتقد أن محدودية الطاقة التصديرية في العراق واحدة من اهم المشكلات وحتى من منافذه الجنوبية هي أحد الدروس التي ينبغي أن يستفيد منها العراق بأنه من الضرورة تنويع منافذ التصدير، لذلك دائما نقول هناك حاجة ملحة إلى إيجاد خط آخر عبر الأردن وإحياء فكرة مد انبوب البصرة – عقبة مهم جدا الذي يمكن ان يعزز القدرة التصديرية إلى مليون برميل، على أهميته بوصفه “حلًا استراتيجيًا” لإنقاذ صادرات النفط العراقي من أي عوامل مستقبلية قد “تخنق” المنفذ الاقتصادي الوحيد الذي يعيش العراق على أمواله.
اخيراً لابد من التذكير أن العراق هو الدولة الوحيدة ضمن أوبك التي لا تمتلك منافذ تصديرية متعددة وبالتالي فإنّ أي مشاكل في الجغرافية السياسية أو أمنية في الخليج ومضيق هرمز، ستؤدي إلى توقف صادرات العراق النفطية وبالتالي إفلاسه، لا سيما وأنه يعتمد في كل موازنته على تصدير النفط.