الخميس المنصرم ، شاهدتُ مساءً مجموعة من الاشخاص ، امام احد محال القصابة ، وهم يشكلون حلقة دائرية لمشاهدة القصاب ، وهو يذبح خروفا على الرصيف ، بانتظار ان يقوم بتجهيز طلباتهم ، وكان واضحا ان القصاب ، يعاني من جرح في احد اصابعه وقد ضمده بقطعة قماش ..
وقفت مذهولا امام هذه الحالة .. فالأخبار المتسارعة تقول ان موجة مرض ( الحمى النزفية ) اخذت بالانتشار ، ووسائل الاعلام تحذر بشدة من خطورة هذا المرض الذي يهدد المجتمع ، اذ ربما يصبح وباء لا سامح الله ، وسببه الرئيس هو اللحوم ، ولاسيما تلك التي نراها عند الكثير من القصابين ، الذين يقومون بنحر حيواناتهم في محلاتهم ، لعدم توفر المجازر ، او بعدها عن مراكز المدن ، ما جعلهم يستسهلون ذبح الحيوانات على قارعة الطريق ، والغريب ان المواطنين ، لا يكترثون بما يسمعون من اخبار الحمى النزفية ، وهو مرض خطير، حيث تعد الحمى النزفية من الأمراض المعدية التي يمكن أن تتسبب في الإصابة بعلل شديدة تهدد الحياة، مثل تلف جدران الأوعية الدموية الصغيرة ، وتضخم الغدد اللمفاوية ، وظهور طفح ناتج عن النزيف تحت الجلد ، والتهاب في الكبد وتدهور سريع في وظائف الكلى والكبد والرئة وغير ذلك ، وهي امراض لا يقوى الانسان على تحملها .. ومعروف ان المسبب لهذا المرض الخطير هو ( القراد ) ..
وهنا ، لا بد من شكر الاعلام ، الذي يؤكد يوميا في الصحف والفضائيات ، ان عوامل عدة ساعدت على انتشار المرض ، لعل اهمها عدم اهتمام المواطن بالتحذيرات والتوصيات الواجب الاخذ بها ، وايضا قلة الكوادر البيطرية واستمرار ذبح الحيوانات العشوائي داخل المدن وعدم الاهتمام بنظافة الحظائر الحيوانية .
وتشرح منظمة الصحة العالمية خطورة المرض ، بالقول إن فيروس الحمى النزفية ، ينتقل إلى البشر إما عن طريق ” لدغات القراد ” بشكل مباشر، أو عن طريق لمس دم أو أنسجة حيوانات مصابة أثناء الذبح أو حتى بعده، ولهذا تظهر الإصابات بشكل كبير بين العاملين في تربية الماشية من مزارعين وحتى أطباء بيطريين ، وفي حالة إصابة الإنسان بهذا الفيروس، فقد يصبح ناقلا للمرض، من خلال الاتصال المباشر بدم الشخص المصاب أو إفرازاته أو سوائل الجسم، وقد ينتقل في المستشفيات نتيجة سوء تعقيم المعدات الطبية أو إعادة استخدام المستلزمات الطبية ..
اننا امام كارثة صحية ، مداها شاسع اذا لم نتعاضد مجتمعا وافرادا للوقوف ، بتحد وقوة ، ونمنع انفسنا من شراء اللحوم غير المختومة من قبل الجهات الصحية ، وان ينصح احدنا الآخر بالخطورة المنتظرة اذا بقينا على الحال الذي ذكرته في مقدمة العمود .. حيث المواطن يقف منتظرا شراء لحم من خروف نحر تواً ، على يد قصاب يعاني من جرح في اصبعه !!