الادارة و السياسة، ايهما قدمته على الاخر، ليس مهما بقدر ان يكون كلاهما يُمارسُ بتخصص، شأن السياسة و الادارة شأن كل علم يمارس و يشتغل به، يكون مجروحا اذا لم تسنده قواعد علمية و متطلبات اجتياز و نتائج ربح متحقق غير مؤشر عليه خرق لقانون عادل مطبق على الكافة.
دائما اتوقف عند كم هائل من اخبار داخلية تعكس صراعا يتأرجح بين تعمد لعدم فهم مواد الدستور و القانون و اللوائح و الانظمة و بين جهل بها، و اطيل التوقف امام انعكاس ذلك الصراع على الجمهور الذي لازال يكابد اكثريته نتائج الممارسة السياسية و الادارية التي تعصف بالعراق بتزايد مضطرد من سنة 1958 و الى الان، مع ملاحظة وجود مخزون كلام اكثره لا يعدو ان كلام وان ظهر جيدا الا ان اساسه هو نفس اساس منظومات الحكم المزالة، بل واداؤه فيها كثير من بوصلة من زالوا بعدما اذوا العراق و شعوبه، بعد ان ثبت ايضا انهم في المجمل، واعني الذين صاروا في الغابرين، مارسوا السياسة و الادارة لمحاكاة نظم مجاورة وان خبرتهم لم تكُ الا عين الخبرة التي اودت الى المهالك.
لست اجد و بكل واقعية فرصة ستكون افضل من تلك التي اتيحت في سنة2003 للعمل على تأسيس ما لايبدو مستحيلا و لا صعبا لتغيير مسار العراق الى الاقضل داخليا و اقليميا و دوليا، الا اذا قلنا ان المستحيل و الصعب يكمن في عدم اقرار كثير من العقل السياسي بعدم تخصصه، و بالتالي انسحاب ذلك على الادارة، ادارة دولة هي العراق، و شعوب هي شعوبه، لا ان ننتقي من التاريخ و الحاضر ما يجري التحجج به لاستيلاد الازمات.
ما جرى و يجري خلال الايام الاخيرة ليس كله سيئا، بل هو كشف لمستويات الادراك المتباينة بين من يريدون الدولة العادلة و بين من يريدون اشياء اخرى و مكاسب تحت لافتة دولة اضعف الهم و اهون على الالتهام.
لن تكف حملات الدعاية و الدعاية المضادة عن التربح من العداء لنا، لكن السؤال يبقى: من الذي يحقق مكاسب للعراقيين فعلا و من يتكسب على حسابهم، ومن هو الطرف الحريص على سلامة الدستور و تحقيقه بلا انتقائية و حريص بلا غفلة على التجربة الفيدرالية و مصالح اقليم كردستان و اهله، و من ذا الذي يمارس العمل بتخصص و الذي من يمارسه هواية او بدل ان يكون عاطلا؟.
{ مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني.