الازدواجية مرض نفسي واجتماعي يظهر فيه الشخص باكثر من شخصية ، أو هي انفصام في الشخصية فيسلك سلوكين متناقضين كأن يدعي أنه ديمقراطي ويؤمن بالحرية والمساواة وحقوق الانسان لكنه يتصرف بدكتاتورية مع عائلته ومع الاخرين ، ولا يؤمن بالحوار والرأي الأخر ، أو يكون نظيفا في بيته وعكس ذلك في الشارع فيرمي الاوساخ في أي مكان ..
ومن الازدواجية ان يتصرف الانسان مع شخص ما بشكل مغاير لاخر مع تساويهما في كل شيء ..
وعلى ذمة الكاتب الياباني ( نوتوهارا ) في كتاب حول ( العرب من وجهة نظر يابانية) الذي كتبه بعد معرفة للعالم العربي منذ عام 1974 وزار العديد من دوله ، واقام فيها فترات معينة ، وسجل انطباعاته عنهم ، ومن بين ما سجله (نوتوهارا ) ولفتت انتباهه انتشار الاوساخ في الشوارع التي زارها ، لكنه أصيب بالدهشة عندما زار صديقا له في منزله الذي يقع في منطقة تعاني من تدني مستوى النظافة الى درجة كبيرة بينما كانت شقته نظيفة جدا وكأنها تنتمي الى عالم آخر… واعتبرذلك مدعاة للدهشة والعجب وعده من الازدواجية ، لان الانسان في المكان الذي زاره لا يحافظ على الملكية العامة مثلما يحافظ على ملكيته الخاصة وبذلك يكون بهذا السلوك الازدواجي قد دمرالممتلكات العامة ، وخالف تعاليم الاديان السماوية بما فيها الاسلام الحنيف ، التي تدعو الى النظافة التي يرتقي بها رسول الانسانية محمد ( ص ) الى مرتبة الايمان ( النظافة من الايمان ) و( تنظفوا فأن الاسلام نظيف).. فالنظافة لا تقتصرعلى المنزل فقط ويترك الشارع نهبا للاوساخ وفي حالة بائسة ..
لكن اين اليابان موطن ( نوتوهارا ) من ذلك ..؟
لم أزر اليابان ولكن من قراءاتي عرفت أن الطفل في اليابان يتعلم أهمية النظافة منذ الصغرمثلما هي اهمية الدروس العلمية ، ويأخذ تمرينا عمليا يوميا في النظافة حيث يقوم الاطفال بنظافة مدارسهم كل يوم لمدة ربع ساعة مع المدرسين، مما يؤدي إلى ظهور جيل ياباني متواضع وحريص على النظافة في بيته ، وفي الشارع ، وعلى الملكية العامة ، وغير مصاب بالازدوجية ..
وفي البيت يتولى الاب والام تربية الاطفال وادارة شؤون المنزل ، لانهم لا يستخدمون الخدم في البيوت .
وفي الشارع والاماكن العامة يتولى النظافة اناس أكفاء ..فعامل النظافة لا يعين ألا بعد اختبارات تناسب راتبه الكبير والعنوان الذي يحمله حيث يسمى (مهندسا صحيا ) ، وليس كحال عامل النظافة في منطقتنا ونظرة البعض الى هذه المهنة والاجر الذي يتقاضاه وعزوف بعض الدول عنها واسنادها الى العمال الوافدين..
ومن هنا يتوضح السبب في أن تكون هذه البلاد جميلة واخرى عكسها ..
النظافة والمرور من علامات الرقي والتقدم والحضارة وهي أول ما يجلب انتباه الزائر ويعرف من النظرة الاولى البلاد قبل أن يغوص في أعماقها …
اذا كان المواطن يتحمل جانبا من المسؤولية في النظافة فان المؤسسات الخدمية المعنية تتحملها كاملة عندما لا تضع حاويات صغيرة على مسافات مناسبة في الشوارع ، واخرى كبيرة في المحلات والاحياء لرمي ألأوساخ لكي لا تتيح العذر لاحد العذر لرميها في الطرقات والساحات الفارغة وامام المنازل.. وهذا ما معمول به في دول العالم المتحضرة ، شرط انتظام دخول سيارات الاوساخ يوميا الى الاحياء والاماكن العامة والشوارع والازقة حتى لا تتكدس الاوساخ والقمامة فيها ، فيضطر الناس الى رميها في الشوارع .. وتتساوى في هذه الحالة المناطق الشعبية وما يصطلح عليه بالراقية التي لم يبق من ( رقيها ) غير الاسم والماضي ، لانها تعاني مثل اختها ( الشعبية) وشقيقتها( الحواسمية ) من شحة المياة والفيضانات وطفح المجاري والاوحال في الشتاء وانقطاع الكهرباء واصوات المولادات وزحمة المرور وغيرها من المنغصات اليومية .
الخلاصة :
الازدواجية مرض خطير لا يصيب الافراد فقط بل الدول ايضا التي تتعامل بمكيالين وتمارس ازدواجية في المعايير وتتخذ من الديمقراطية حقوق الانسان ذريعة لممارسة هذه السياسة المرفوضة .. والامثلة كثيرة .. واغلب مشاكل العالم اليوم سببها هذه الازدواجية التي يتعامل بها البعض مع القضايا موضوع الخلافات والنزاعات ..
{ { { {
كلام مفيد :
من بين الرسائل المفيدة وهي كثيرة وصلتني رسالة عبر الوتس اب من الصديق العزيز الدكتور ماجد مضمونها ان جلال الدين الرومي سال شمس الدين التبريزي .. كيف تبرد نار النفس ؟؟ قال بالاستغناء .. استغن يا ولدي فمن ترك ملك ..
قال جلال الدين الرومي :
وماذا عن البشر ؟
قال : هم صنفان ..
من اراد منهم هجرك وجد في ثقب الباب مخرجا .
ومن اراد ودك ثقب في الصخرة مدخلا.