مواقع التواصل الاجتماعي العربي اشتعلت في الساعات القليلة الماضية بمقارنة سريعة بين قتلى الكبسولة الغوّاصة الخمسة الذين أرادوا الوصول الى تايتانيك السفينة الغارقة الأشهر في العالم، وغرق سفينة مهاجرين قرب السواحل اليونانية فيها ما يقرب من خمسمائة شخص.
والمقارنة استهدفت الاهتمام في الغرب بحدث مقتل خمسة اشخاص خاضوا التجربة “الممتعة” بتكاليف قدرها ربع مليون دولار للشخص الواحد كجزء من مظاهر الترف، وأولئك المهاجرين الذي ينحدر قسم منهم من دول عربية واسيوية، ركبوا البحر مكرهين تحت ظروف شاذة في بلدانهم ناشدين حياة جديدة، لم يصلوا اليها وغرقوا دونها.
الدعاية المضادة للهجرة غير الشرعية تملأ الاعلام في أوروبا، ومن الصعب أن تتناول أية جهة الظروف التي أودت بمئات المهاجرين في هذه السفينة الغارقة ومن قبلها آلاف الغارقين، لأن ملف الهجرة بات مكلفا ماليا وسياسيا وامنيا للغرب، لاسيما بعد ان أثبتت التجارب انّ الاندماج الذي سعت اليه سياسات دول غربية في التعامل مع المهاجرين لم تقد الى نتائج كبيرة.
وقرأنا تعليقات لناس عاديين وآخرين من النُخب عن الرعاية الاستثنائية الغربية للمهاجرين من أوكرانيا كون الحرب هناك في مواجهة روسيا التي وضع الغرب ضدها عقوبات صارمة.
الانتقائية في الاعلام الغربي، مثلها في الاعلام في الدول العربية ، اذ تنتقي نشرات وسائل الاعلام هناك الاخبار التي “لا تضر ولا تفيد” في حشو حكومي تعافه النفس البشرية لرداءته فضلا عن استهلاك محلي رخيص ومفضوح. والغرب أيضا يسوّق لسياساته في لفت الانتباه نحو قضايا جزئية تخصّه في حين يتجاهل، غالباً وليس دائماً، قضايا ذات اهتمام انساني عام كغرق المئات كل شهر في البحر على طريق الهجرة.. غير الشرعية خلاصاً من حروب او اضطهادات دينية وطائفية او ظروف معيشية لا تطاق