يتجدَّد مجيء العيد، فهل تجدَّدنا؟، فإن العيد يعني أن نأتي بالجديد، لا أن نُعِيد، وأن نكون ما نريد، وأن نكون جميعا متساوين من دون أن يكون هناك فرق بين قريب وبعيد، وأن نحيي قلوبنا بالحب قبل أن تصدأ، وأن يكون حصولنا على حقوقنا استحقاقا وطنيا وقانونيا وليس بالمظاهرات والإعتصامات وحرق الإطارات، العيد خبز لا أشهى منه، وأمل منشود منذ أن كان الجدود، ونَشيدٌ تتردَّد أصداؤه في السهول والوديان والجبال والصحارى والأهوار، العيد أن يكون خير بلادنا لنا لا لغيرنا، العيد فرصة للمسؤولين الحكوميين ومن يردفهم لمراجعة ما تحقق من مصالح الناس وما هو بانتظار التحقيق، من غير تسويف ووعود منسيَّة، وأن يكون الجميع حريصين على عدم سرقة فرحة العيد بأي شكل من الأشكال، فالعيد كما قال الشاعر زكي مبارك (العيدُ للرّوحِ مثل الماءِ للعودِ).
قال الأعرابي: (سُمِّي العيد عيدا لأنه يعود كل سنة بفرح مجدَّد)، فيما قال الأزهري: (العيد عند العرب: الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن)، فاللهم أعد إلينا العيد بفرح مجدَّد لا بحزن مجدَّد، وما أجمل أن يأتي العيد موشّىً بكركرات الأطفال المدلَّلين الفرحين بين مراجيحهم بملابسهم الجديدة، التي تحمل في جيوبها (عيديّاتهم)، وما أجمل أن يأتي العيد مزهوا بصفاء الأجواء وخلوِّها من الغبار الذي يزورنا بين الفينة والأخرى زيارات غير مرحَّب بها، ما أجمله وهو يأتي والأنهار تودِّع الجفاف وتفيض بالماء، من أجل أن تزهر البساتين والحقول والمشاتل والمراعي بالخضرة والأثمار والمحاصيل، وما أجمله وهو يحمل للمتقاعدين أخبار الإلتفات إلى رواتبهم الشحيحة وزيادتها زيادة معتبرة، ويحمل للفقراء والمحتاجين البشرى بتغيُّر الحال نحو الأحسن، وهنا أتوقف عند مسألة تكاد تتكرَّر قبل كل عيد وهي مطالبة الحكومة بصرف (عيديَّة) للموظفين والمتقاعدين والمشمولين بالرعاية الاجتماعية والمُعينين المتفرِّغين وذوي الاحتياجات الخاصة وبقية المحتاجين، من دون أي استجابة رغم سعة المطالبات وتكرارها في وسائل التواصل الاجتماعي، وأقترح هنا أن تخصِّص الحكومة (عيديَّة) لكل المذكورين آنفا، من غير مِنَّة من أحد، عبر جعلها استحقاقا وطنيا وقانونيا وذلك بجعلها مادة في الميزانية، تُمنح جهارا، وأن يكون مقدارها نصف الراتب الذي يتقاضاه المعنيون، وكل عيد والعراق الحبيب وشعبه الكريم بألف خير، ومن زهو إلى زهو صعودا إلى ما يسحقه من مجد ورفعة.