اعتدتُ في السنوات القليلة المنصرمة على حضور فعاليات وندوات اتحاد ادباء وكتاب النجف ، ففيها كنت اجد فرشة ثقافية تمثل الوطن كله ، فلم تقتصر تلك الفعاليات على محافظة او مدينة معينة ، إنما ارى وجوها واسمع آراء تمثل كل الاطياف الشعرية والفكرية والثقافية ..
لكن الحظ عاكسني مؤخرا ، فلم احضر ، رغم الدعوة الكريمة التي وصلتني من الاديب محمود النعيمي رئيس الاتحاد ، لحضور المؤتمر الرابع عن القصة القصيرة جدا الذي انهى اعماله قبل يومين ، بعد جلسات بحثية شارك فيها 15 من النقاد والباحثين والاكاديميين ، وقرأ فيها نخبة من القصاصين يمثلون كل محافظات العراق ، بعضا من قصصهم ، وقد اثمرت تلك القراءات عن تكريم ثلاثة منهم ، حصدوا خلاصات التقييم من قبل اللجان التي شكلها الاتحاد ..
ان تسليط الضوء على قصاصين عراقيين شباب ، وفتح المجال لهم هو حق الأمة التي أصبحت تواجه تحديات بسبب تمسك “البعض” من الادباء الحاليين بفرص النشر ، والمشاركة في الفعاليات الثقافية ، دون اكتراث بالجيل الجديد الواعد ، والممتلئ بالنشاط والامل ، ولا يعوزه سوى الدعم المعنوي ، وحسنا فعل اتحاد النجف ، فقد اصبح بوابة لعبور الطاقات الجديدة الى عالم النور والمعرفة ، وداعماً للشباب وحافراً لتشجيعهم على الاستمرار في تنمية مواهبهم..
ومع تطور جدلية الحياة الثقافية ، باتت القصة القصيرة جدا تمثل رافدا من روافد الإبداع التي تهدف إلى تتبع الأثر الحسي للحوادث والقضايا الاجتماعية والإنسانية بقصد إعادة إنتاجها بسطور قصصية لتصور واقعا ملموسا معتمدة على بنية سردية مكتنزة الألفاظ ومتعددة الدلالات وتتخذ من الرمز اللغوي المكثف عصا تتكئ عليها من اجل زيادة متعة المتلقي وتعميق الدلالة التي يهدف القاص إلى إبرازها ، على شكل لقطة إبداعية سريعة في زمن قصير جدا ، وقد سار هذا اللون القصصي بثبات في شارع القصة العربية والعالمية ، وبات يمثل لونا شائعا محببا .. وخطوة مباركة ، فعلها اتحاد ادباء وكتاب النجف ، على اقامته هذه الفعالية الثقافية ، التي اكد فيها تمسكه بمتابعة الوان الادب ، متابعة دقيقة ، من خلال الاهتمام بالمبدعين ، ساعيا الى تؤطرهم و تنمية افكارهم ليصبحوا فيما بعد عقولا ناضجة تسهم بالفكر النير و الابتكار في صناعة مستقبل لون ادبي ، آخذ الان بالانتشار..
ويذكر ان هذا المؤتمر جاء ضمن سلسلة المؤتمرات والمهرجانات السنوية التي دأب الاتحاد على إقامتها ، وهنا لابد من الاشارة الى ان هذه الفعاليات التي يبادر بها اتحاد الادباء والكتاب في النجف الاشرف ، وتحظى برعاية الاتحاد الام ، من خلال حضور السيد على فواز رئيس اتحاد الادباء والكتاب العراقيين ، تقدم دلالة على حيوية ادباء النجف ، وسعيهم الى بلورة صورة للتآخي الثقافي بين كافة ادباء الوطن .. وبذلك يؤكد ادباء هذه المحافظة المقدسة ، الجزئية التاريخية التي تتمتع بها المدينة المقدسة عبر تاريخها الطويل في احترام الاقلام المبدعة في الشعر والادب والبحوث في شتى مجالاتها ..
لكم احبتي ادباء النجف الكرام تحياتي ، فالأفكار العظيمة تولد صغيرة ثم تكبر شيئاً فشيئا ، ودعوة محبة الى فروع الاتحاد في المحافظات الاخرى التي تضم في صفوفها ادباء العراق ، الى اقامة ندوات ومحاضرات تعكس صورة البهاء الثقافي .. ولكم في مبادرات اتحاد النجف اسوة .. وبالانتظار !