يبدو ظاهرياً في الأقل أنّ السلطاتِ السويديةَ وقَعَتْ في حبائلِ العراقي المقيم مؤقتاً على أراضيها سلوان موميكا.
أهمُ إثباتٍ على طالبِ اللجوءِ الى الدولِ الأوربية تقديمُه ،هو الدليلُ الموثّقُ على أنّ الشخصَ مهدّدٌ في بِلادِه. دون ذلك لايُقبلُ ملفُ لجوئه بأي حالْ . ولذلكَ يشيعُ الأدعاء من قبل طالبي اللجوء في موضوع اثبات التهديد الفعلي هذا. مثل ادعاء المثلية في بلد اسلامي يحرّمها أو الحكم بالاعدام لمعارضة السلطة، وغير ذلك مما يعرفُه المقيمونَ واللاجئونَ في الدولِ الغربية قبلَ غيرِهم .
ويبدو أنّ سيرةَ موميكا السابقة عن انتسابِه ونشاطِهِ السابق، تشير الى اضطراب في توجهه بين انضوائه تحت جناح فصائل اسلامية أيام الحرب مع داعش بوصفه رئيس جماعة مسلحة، ثمّ تصريحه ضدها في موقف آخر. بين دواعي اعتراضه السطحية الانفعالية وتحديه المفتوح، وبينَ تردّدِه وخوفه وكأنه اكتشف فجأة بؤسَ فعلتِه وثمنَها الفادح. مما يرجّحُ أنّ الرجل كانَ أبسطَ وأضألَ من أن يكونَ صاحبَ رؤيا جادة مضادة، وأنّ ماقامَ به ليس سوى حُمْقٍ غير مسؤول لاتبرير له سوى المعلومات المتوفرة حول وضعه القانوني كلاجيء قيد التحقق في السويد ،سعياً لتوفيرِ اثباتٍ سريعٍ ومؤكدٍ بأنّ حياتَه مهددةٌ؛ وهي الآن اصبحت كذلك كما يبدو من استغاثته مؤخراً.
يعيدنا سلوك موميكا الى الحديث مجدداّ في حدودِ وتفسيرِ الحريّاتِ المصانةِ في القانونِ السويدي والأوربي عامة،حيث تطالعنا نحن الذين عشنا في أوربا لاجئين ومقيمين في ظروف شتى ازدواجيةٌ صارخةٌ في المعايير بشأن تفسيرِ الحريّة الشخصية أوحقوقِ الطفل،أو حمايةِ المرأةِ أو عدمِ مساءلةِ الصبيان دون السادسة عشر عن افعالهم. فالحرية مصطلح ملتبس في هذا الاتجاه بين حق الحياة والصحة والتعليم والتعبير عن الآراء والأفكار وهي في غالبها مغرية وايجابية وبين تفسير الأفعالِ المؤدية الى ايذاء الآخرين معنوياً أو جسدياً، لأنّ الحرية التي تؤدي الى ردّ فعلٍ جماعي يخلّ بالسلم الأهلي، أو الانتهاكِ الجسدي لم تعدْ حريةً آمنة، لانها تقف عند حريات وحقوق الآخرين كما هو معروف ، وعليه فانّ احراقَ رمزٍ مقدس لدى جماعة داخل المجتمع أو التنمرَ على زيّ ديني أو شعبٍ ما أو عاهة خَلقيّة؛ لايعدّ حرية شخصية أو جدلاً او خلافاً عقائدياً تقليدياً، بل يصنّفُ من الأعمال المؤديةِ الى الإخلالِ بالسلم المجتمعي المطلوب حمايته في قوانين الدولة ، فالحرية هنا لاتتجرّدُ عن المسؤولية، والا يصبح احراقُ كتابٍ مقدس في شارع لعبة يومية ً مشاعة لكل من يسعى الى شهرة عاجلة . لاسيما وأنّ فعل الإحراق يُعَدّ عملاً اجرائياً وليس مجردَ تعبيرٍ عن الرأي، لأنّ اشعالَ النار مثلُه مثلُ اطلاق الرصاص أو التحرش الجنسي أو الإعتداء بالضرب، عملٌ مُجَرّمٌ حتى وإنْ كان لمجرد التهديد أو ارسال رسالة ما.
هنا تكون السلطاتُ السويدية أو أي سلطة تحمي ذلك وتبرّره قد ارتكبتْ فعلاً مخلاً بسلمِ بلادِها الأهلي وحقوق مواطنيها. وهنا لا أتحدّث عن الآراء بل عن أساليب التعبير عن الآراء التي تعد أوربا الأكثر (ازدواجيةً) في تفسيرها ، مثلها مثل استدراج الطفل لاتهام والديه بضربه أو إهانته واتخاذ قرارٍ بعزله وحمايته من العنف الأسري لمجرد رؤية معلمته كئيبأ في المدرسة. أوتصديق ادعاء امراة بأن زوجها اجبرها على معاشرتها، فيتهم بناء على ذلك بالاغتصاب – جريمة عليا هناك حتى وإن كان ارغام الزوجة – ليؤخذَ الزوج الى السجن أو يعاقب عقوبة موازية دونَ مزيدٍ من التحقق . وعليه فان فعلةَ موميكا الشاذة ستفتح ملف مسؤولية الدولة عن ماهيّة الحريات الصحيحة التي تحميها. وستكتشف هذه المرةّ لعبةً أخرى من الاعيب طلبِ اللجوء السياسي، وقعتْ في حبائلِها وكلّفتها كثيراً.