سياسيون بالجملة انتهت صلاحية وجودهم في أي عمل سياسي أو نشاط حكومي أو مجتمعي بعد عشرين سنة تعيسة من أداء سيء وتجارب مخزية لم تقدم شيئا لخدمة العراق. لكن لا يوجد تقاعد سياسي في البلد الذي لا تزال الشراهة على أقصاها في التهام الحصص والامتيازات والمناصب، مقابل تغييب شبه كامل للكفاءات، وخاصة لدى الشباب غير المنضوي تحت ألوية أحزاب هي فاشلة في الأصل وتريد إعمام فشلها على الجميع. والمصيبة ان معظم السياسيين وصلوا الى المناصب المتقدمة منذ البداية وهم منتهو الصلاحية، لذلك انتشر الفساد بسرعة ضوئية لم تشهدها دولة على الكوكب من قبل. وكما يعلم الجميع، انّ الاغذية منتهية الصلاحية التي بدأت تروج في الأسواق غير المراقبة بالبلد تكون سبباً في التسمم والفساد الغذائي وتعريض حياة الناس للخطر اقلها الامراض المستديمة عند الاستمرار بتناول أغذية منتهية المفعول. فما حال العراق، وقد شهد على حكمه طبقات سياسية متتالية فاسدة المفعول ومفسدة في التأثير.
الامل الوحيد في الشباب المتعلم المتسلح بثقافة الانفتاح على العالم مع مراعاة خصوصية الهوية
الوطنية، ذلك الشباب الذي لا يركن للخزعبلات التي سوّدت صفحة الشروق التي عرف بها البلد منذ زمن حمورابي وحولتها الى متاهة من التجهيل والضياع.
الأحزاب السياسية لا تعي مسؤوليتها في تجديد الدماء وتضخ من ركدَ وفسد فيها الى مسارات العمل الحكومي، لذلك تكون عملية الإصلاح شبه مستحيلة، والتقدم في ملفات الخدمة العامة بطيئاً للغاية ومحصوراً في نطاقات غير مهمة.
هناك حقائب وزارية غير سيادية بالمفهوم التقليدي في تقسيم الوزرات، لكن يمكن ان تسهم في دور حيوي في استنهاض طاقات الشباب وتعيد توجيهها بشكل بنائي خلاق، ومنها الثقافة والاثار والسياحة الراكدة التي لا بوصلة لها ولا دفة ولا ربّان ولولا ملف الاثار العالمي في العراق، والذي يتجاوز اية روية محلية الى مديات لا تبدو الوزارة تعيها، لما كان هناك عنوان له وزن في ثقافة البلد .
أو وزارة التربية التي مبلغ تفكيرها تصريف الأمور اليومية من دون افق استراتيجي لتغيير مسار التعليم والتربية للنشء الجديد، وحتى وزارة التعليم باتت تؤدي الجامعات الرسالة التي تستغني بها عن هذه الحقيبة ، والامر سيان اذا كانت موجودة أو ملحقة بحقيبة ثانية. وهناك حقيبة الرياضة والشباب التي لم يكن لها يوما هوية، ولا ندري لماذا الحقوا بها لفظة الشباب من دون مضمون حقيقي للمفردة في القيادات الإدارية او الرياضية، ولو دعمت الدولة استقلالية الاتحادات الرياضية وسنّت لها تشريعات تنظيمية جديدة لأصبح مفهوم الاتحاد أو النادي الرياضي أوسع من مدى اللعبة المحددة وانطلق الى ثقافة مجتمعية شبابية أشمل .