الحنكة السياسية في حقيقتها هي مهارة واسلوب فوق العادة ؛ بمعنى ان الحنكة السياسية لاتطلق على اي سياسي ؛ بل تطلق على السياسي الذي يستطيع ان (يحول) المشكلة المعقدة الى امر عادي وبسيط وياتي بالحلول التي ترضي الجميع حتى المتضرر من هذه الحلول؛ وفي هذا الصدد ؛ لابأس ان نذكر( قصة سياسية) ؛ مفادها ان رئيس وزراء العراق الاسبق نوري سعيد ؛ قام بأقالة احد وزراء حكومته لما علم انه لايقرأ ولايكتب ؛ وكان هذا الوزير شيخ قبيلة؛ وبعد اقالة الوزير الشيخ رجع هذا الوزير الى اهله وقبيلته في احدى المحافظات ؛ وتجمع حوله ابناء القبيلة ؛ فقال لهم لقد تركت الوزارة ؛ ولم يقل لهم لقد تم اقالتي؛ فقالوا له لماذا تركت الوزارة؛ فاخبرهم بان رئيس الوزراء نوري سعيد يريد ان يهدم احد اضرحة الأولياء الصالحين وانا اعترضت بشدة وتركت الوزارة؛ فقال الجميع؛ الله يبارك فيك ياشيخنا ؛ انت رجل ابن رجل وانت ابو الغيرة؛ وانتشر الخبر في محافظة الشيخ الوزير والمحافظات المجاورة ؛ وخرجت جموع الجماهير في المحافظات منددة بعمل نوري سعيد وتطالب باسقاط حكومته؛ فما كان من نوري سعيد الا ان يصدر بيانا عاجلا يؤكد فيه انه لايريد هدم الضريح بل يريد ترميمه وتعميره بشكل لائق جدا ؛ واستدعى الوزير المقال ؛ فلما التقى الشيخ الوزير المقال نوري سعيد قال له ( ها باشا نوري شفت بعينك شلون حولت القضية الى صالحي) فأبتسم الباشا نوري سعيد وقال له هو ( وانت ايضا شفت شلون تعاملت مع الموضوع من خلال البيان الذي اصدرته) فابتسم الشيخ الوزير وابتسم نوري سعيد؛ وكأن لسان حالهما يقول انا الافضل واكثر حنكة سياسية.
وحقيقة الاثنان يملكون حنكة سياسية في التعامل مع الازمات واستطاع كل منهما ان يحول الازمة الى صالحه.
ربما هناك من يقول ان جهل الجماهير وعدم ثقافتها عنصر أساسي لحنكة الباشا نوري سعيد وايضا حنكة الشيخ الوزير ؛ نعم ربما هذا الشيء وارد؛ ولكن يجب الانتباه الى ان الجماهير هي نفسها منذ زمن نوري سعيد والشيخ الوزير!!!؛ وهذا امر يحتاج الى تدبر!