أنا كاذبة
أخبرتُ اللهَ بِأَنْ يقصفَ لي عُمْري
قبلَ الأربعين
وها أنا ذي
أرفعُ أقدامي مُجددًا إلى السماء
وأبتهلُ كيْ يهبَني عُمْرَ السُلحفاةِ
وتَوَثُّبَ الفُهود
….
أريدُ أَنْ أَحيا طويلا
وأن أَفْتَرِعَ الزمنَ افْتِراعا
أَنْ أنْهَشَ الساعاتِ
وأعُبَّ نَهْرَ الشهواتِ
لا أستحي مِنْ خُصْلةِ الشيبِ على صَدرِ الشارع
أو بَحة صهيلِ الديك
….
بعد الثانيةَ عشرةَ مساءً من العمر
يُصبحُ الكونُ أَشهى
مثل حبةِ مانجو ناضجة
بل
كَسَمبوسَةٍ مَقْلِيّةٍ بِزَيْتٍ مُعَتَّق
ممزوجةٍ بِإبْطِ شيفِ الشوارعِ الهنديّ
ما أطيب العالم يا ربي!
…..
أريد أُلوهِيّةً تكفي لأَهَبَ إيفا قواطِعَها الأولى
وأدغدغَ بطنَها الرَّخْوَ
حتى تقع من الشجرة
فتسقطَ في فمها التفاحةُ
مصادفةً
…..
أن أغوصَ في نسيجِ الزمكان وُصولًا إلى نافذةِ بلانك
أُغوي الطاقةَ الأزلية
أثيرَها بصورةِ نودزٍ لي وأنا في أواخر العشرين
أرقصَ لها رقصةَ الكوارك الأعمى
أن أرهقَها عشقًا حتى تَتَخَلْخَلَ مستوياتُها
وتقذفَ مَنِيَّها الأشقرَ
على جدارِ الوجودِ
….
حياةً عابثةً تكفي
لأكفرَ بِنوحٍ ألفَ عامٍ
ثم أؤمنَ به ما قبلَ الطوفانِ بثلاثِ دقائقَ
أركبَ السفينةَ وأخرقَها
ثم أدخِّنَ سيجارةً مع ابنِه على قِمّةِ الجبل
…..
أريدُ أن يهبَني اللهُ أفاعيَ في رأسي
بما يكفي لأذيبَ الصخور
عن جَسَدِ القصيدة
كلما حدقتُ في عينيها
سجدَتْ لي
لأُكَثّفَ دمْعَ الأمهاتِ في السَحَر
بنظرةٍ
أشكَها لآلئَ لِجيدِ ليليث
….
أن يهبَني بشاعةً في الأنفِ تكفي لأقطَعَهُ
وأزرعَه مكانَ أُذُنِ ڤان جوخ
في البورتريهِ الأصفر
ربما يعدلُ عن الانتحار
ويرتمي في نجمةٍ باردة
يغفو على قلبي
…..
أريدُ الكثير
بجنونٍ أريدُ “تيلوميراتٍ” من ذَهَب
دماغا من زَقّوم
كلما أسرفتُ في الفودكا
التَأَمَتْ استعاراتي
وعادتْ شواربي للنمو سوداءَ
غضّة
كالبكتيريا البدائية في لحم الأرض
…..
أريدُ
ما يكفي من الشجاعة
لأدفنَ رحمي في صحراءِ العرب
فداءً لكلِّ البناتِ
لأكونَ الموؤودةَ الضاحكةَ
الوحيدةَ في هذا العالم
لأقومَ بعدَها
في القرن السابع
مِنْ ثُقْبٍ في سورةِ الرجال
باسقةً كالنّيلِ
….
ما يكفي من الأنوثةِ لأقولَ له
اِقْرَأْ
فيقرأُ بلا اعتراضٍ
يسقطُ القمرُ في حُضنِه أَزْهَرَ مُعتِما
فلا يغادرُ الغارَ
أبدا
….
ما يكفي من السادية لأؤيدَ حكمةَ الحسين
في اصطحابِ نساء المدينة
إلى عرين الأسد
ما يكفي من المازوخيةِ لأدخلَ في عباءةِ زينب
وأبتسمَ
في مجلسِ هارون الرشيد
…..
ما يكفي من النُّضْجِ لأسعى نحوَ انقراضِ النحل
ما يكفي من الشبعِ لأبدأ الحِمْيَةَ
وأغلقَ كتابَ
“كون مِنْ لاشيء”
وأعترفَ للورانس كراوس
بأني لم أفهمْ كلَّ شيْءٍ
….
أريدُ ما يكفي من الوقت
لأهبَه لحبيبي
لأتقاسم معه ثوانيَ عابرةً
لأصلحَ بارودتَه العسلية
لا لكي يعودَ إلى الساحاتِ اللبنانية
بل
لنعلقها كعملٍ فنيٍّ ما بعد دادائي
على جدار الملل
….
أحبكَ يا شاتيلا
أحبكَ
أحبُّ الفجرَ في انتفاءِ المجزرة
وأريدُ كلَّ الأبدية
كي أقضيها في قُبلةٍ واحدة
بيني وبين روحي
———