صحيح‭ ‬انّ‭ ‬المنفذ‭ ‬البحري‭ ‬للعراق‭ ‬صغير‭ ‬جداً،‭ ‬ويتآكل‭ ‬بحكم‭ ‬القوي‭ ‬على‭ ‬الضعيف‭ ‬والمتهاون‭ ‬والمعاقب‭ ‬وتحت‭ ‬اثقال‭ ‬المرحلة‭ ‬المظلمة‭ ‬التي‭ ‬رزحت‭ ‬تحتها‭ ‬البلاد،‭ ‬الا‭ ‬انَّ‭ ‬الموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬الكامل‭ ‬للعراق‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬اهم‭ ‬المواقع‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬اقل‭ ‬تقدير‭. ‬لكن‭ ‬اللاعبين‭ ‬الأساسيين‭ ‬بورقة‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬هما‭ ‬تركيا‭ ‬وإيران‭ ‬وحدهما‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬وهما‭ ‬ايضاً‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬حدودية‭ ‬طويلة‭ ‬مع‭ ‬العراق،‭ ‬وانه‭ ‬حان‭ ‬الأوان‭ ‬لكي‭ ‬يضع‭ ‬العراق‭ ‬الجغرافيا‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬اولويات‭ ‬“استثماراته”‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬والعالم‭ ‬عامة‭.‬

تركيا‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬براً‭ ‬الى‭ ‬أغنى‭ ‬المناطق‭ ‬النفطية‭ ‬والبحرية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البر‭ ‬العراقي،‭ ‬وكذلك‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬ايران‭ ‬الى‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬وحلفائها‭ ‬السياسيين‭ ‬والاستراتيجيين‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البر‭ ‬العراقي‭. ‬هذه‭ ‬حقائق‭ ‬قديمة‭ ‬قدمَ‭ ‬التاريخ،‭ ‬وليست‭ ‬اكتشافات‭ ‬جديدة‭ ‬مهما‭ ‬تنوعت‭ ‬وتغيرت‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬الثلاثة‭. ‬لكن‭ ‬اللافت‭ ‬هو‭ ‬انَّ‭ ‬تركيا‭ ‬وإيران‭ ‬تلعبان‭ ‬بورقة‭ ‬الموقع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالحهما‭ ‬بقوة،‭ ‬وتجعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بحاجة‭ ‬اليهما،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬الاهتمام‭ ‬العراقي‭ ‬بالموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬لا‭ ‬يحتل‭ ‬اية‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الأولويات،‭ ‬بل‭ ‬انّ‭ ‬الاخرين‭ ‬يفيدون‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬العراق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬افادته‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النعمة‭ ‬التي‭ ‬هو‭ ‬فيها‭.‬

ما‭ ‬قيل‭ ‬عن‭ ‬مشروع”‭ ‬طريق‭ ‬التنمية”‭ ‬الذي‭ ‬سيشترك‭ ‬فيه‭ ‬العراق‭ ‬مع‭ ‬تركيا،‭ ‬والذي‭ ‬يتيح‭ ‬للبلد‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬معبرا‭ ‬تنمويا‭ ‬وانتاجيا‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬يستند‭ ‬الى‭ ‬القيمة‭ ‬الجغرافية‭ ‬للعراق،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬الأفكار‭ ‬والأوراق‭ ‬النظرية‭ ‬والتصريحات‭ ‬الأحادية،‭ ‬ولم‭ ‬يظهر‭ ‬الجزء‭ ‬العملي‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬العملاق‭ ‬في‭ ‬تصميمه‭. ‬وما‭ ‬أكثر‭ ‬عناوين‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬مرّت‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬نرى‭ ‬شيئاً‭ ‬متحققاً‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬الواقع‭.‬

‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يظل‭ ‬الاملُ‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يخطو‭ ‬البلد‭ ‬المثقل‭ ‬بالفساد‭ ‬‮«‬المشرعن”‭ ‬غالباً‭ ‬الى‭ ‬امام‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الإفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬طاقاته‭ ‬وامكاناته‭ ‬الكبيرة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬الموقع‭ ‬الجغرافي،‭ ‬بما‭ ‬يضمه‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬قوة،‭ ‬وبما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬توظيف‭ ‬استثماري‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬المحتاجين‭ ‬لمواصفاته‭ ‬وتسهيلاته‭.‬

المسألة‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬تركيا‭ ‬وايران،‭ ‬ذلك‭ ‬انّ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منذ‭ ‬ان‭ ‬احتلت‭ ‬العراق‭ ‬2003‭ ‬وجعلت‭ ‬ارضه‭ ‬مكانا‭ ‬لوصول‭ ‬جيوش‭ ‬وقوات‭ ‬من‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬دولة‭ ‬بنسب‭ ‬متفاوتة،‭ ‬طمست‭ ‬على‭ ‬العراقيين‭ ‬حقهم‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الموقع‭ ‬الجغرافي‭ ‬كميزة‭ ‬استثمارية،‭ ‬حتى‭ ‬الجانب‭ ‬العسكري،‭ ‬كان‭ ‬الباب‭ ‬امامه‭ ‬مشرعاً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭ ‬بوصف‭ ‬العراق‭ ‬مكاناً‭ ‬مشاعاً‭ ‬للجميع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ثمن‭ ‬أو‭ ‬بأبخس‭ ‬الاثمان‭ ‬غالباً

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *