– منذ القدم ، وفي عمر لم أكن أعي فيه الحياة ، كنت أسمع مثلاً بسيطاً بكلماته ، عميقاً بمعناه … ثلاث كلمات لا غيرها (آخر الدواء الكي) ولم اكن اتصور ان هذا المثل يضم بين جنباته الكثير من المعاني لاحداث نعيشها ، وسنعيش احداث أخرى مماثلة سيكون فيها هذا المثل حاضراً امامنا شئنا ام ابينا ..ففي سنين شبابي الاولى وانا مكلف بخدمة العلم كان واجبي في احدى المشافي العسكرية ، شعبة الامراض النفسية ، وكنت وكباقي من هم بعمري من الشباب احب ان اطلع على كل شيئ ، فلاحظت ان المريض الذي يعاني من الهوس والقلق والاكتئاب وبعد ان يستنفدوا كل الطرق العلاجية المعتادة وبعد اليأس من استجابته للعلاج يلجأ الاطباء الى العلاج بالصدمة الكهربائية وهو (آخر الدواء) ولا زلت اتذكر كيف تكون حالة المريض بعد ان يحصل على (آخر الدواء) فهو يدخل في
حالة من الهدوء و فقدان للذاكرة مؤقت فقد كان الكي ناجعاً رغم آلامه ، وفي قديم الزمان وإذا اصاب احدنا جرح في بدنه فقد كنا نرى امهاتنا وجداتنا تستخدم (العطبة) ومن لايعرف (العطبة) فهي قطعة قماش من الالبسة القديمة المتهرئة الموجودة في بيوتنا يتم اشعال النار فيها واطفائها على الجرح مهما كانت شدته وما هي الا ايام معدوده ويبرأ الجرح ، وفي كلتا الحالتين اذا كانت بالصدمة الكهربائية او النار فيكون الالم فيها مبرحاً ولا يحتمل ولكن الشفاء فيها اكيد ولا شك في ذلك .
– في كل جوامعنا ومساجدنا يرتقي الخطيب المنبر كل يوم جمعة ليبدأ خطبته بـ ( ان الحمدلله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ به من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ) وهو اعتراف صريح بأن لنفوسنا شرور وفي اعمالنا سيئات تفسد حياتنا وعلاقاتنا مع الآخرين ، فكم نحن بحاجة ملحة لفرمتة حياتنا واعمالنا ، وكم نحن بحاجة الى التصدي لشرور انفسنا واهوائها لنعيش مع الآخرين بحب وسعادة وسلام لاسيما ان قطار العمر سريع والنهايات قريبة .