-1-
ينطوي بعض الناس على نَفْسٍ ملأى بالظنون السيئة بالناس ،ولا ترى فيهم الاّ الشَبَه بالثعالب المتحفزة لِأكْل الدجاج أو الذئاب والقطط المتوثبة لاصطياد الفئران .
ومن هؤلاء الشاعر الاندلسي ( يحيى بن الحكم ) ، فاسمعه ماذا يقول :
ما ارى ها هنا مِنَ الناس إلاّ
ثَعْلَبَاً يطلبُ الدجاجَ وَذِيبا
او شبيهاً بالقطّ ألقى بِعَيْنَيْهِ
الى فأرةٍ ، يُريد الوُثُوبا
وهذا المزاح الناري مرفوض جملة وتفصيلا، حيث يُلغي الفوارق بين الكريم واللئيم ، والشريف والوضيع، والمحسن والمسيء ويُحوّل المجتمع بِاَسْرِهِ الى عناصر ضارية لا تُحسن الاّ اصطناع الشر والايذاء وهذا ليس مقبولا على الاطلاق .
-2-
والصحيح الاعتراف بوجود الأشرار الذين لا يتورعون عن لعب أقذر الأدوار في مساراتهم الحياتية ، والاعتراف أيضا بوجود الابرار الذين هم كالكواكب اللامعة في سماء المكارم والفضائل السامية .
ولنتساءل مثلا ونحن نعيش فرحة الانتصار على التكفيريين الاوغاد :
أين هم الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من اجل انقاذ الوطن من براثن التكفيريين المجرمين وحاشا أنْ تطلق عليهم اسماء الذئاب والثعالب..!!
ولنتساءل وفي باب المثال أيضاً :
أين الامهات اللواتي يصلن الليل بالنهار وهن يبذلن أقصى جهودهن في الرعاية والحنو على أبنائهن ؟
فاين هنّ من القطط المتوثبة لأكل الفيران ؟
ونتساءل أيضا ونقول :
أين هم الصادقون المخلصون العاملون من اجل رفعة البلاد والعباد ؟
انهم موجودون وان لم يكونوا الاكثرية – للاسف الشديد –
ولكنهم يكافحون لانتشال البلاد من الفساد المستشري والذي تجاوز الحدود المعروفة كلها .
وهكذا نخلص الى وجوب اعتماد الموضوعية والعقلانية في إصدار الأحكام على الناس ،
وان لا تكون نظراتنا مغموسة بالسواد .