صرفت مليارات من الدولارات على ملف الطاقة والذي يمثل عصب الحياة وملف الطاقة اشتركت فيه عوامل كثيرة إرادة دولية وإقليمية وجهات داخلية وفساد الحكومات وعدم الشعور بالمسؤولية من قبل المواطن. ولو دققنا في أس المشكلة نجد أن الإرادة الدولية تحول دون حل نهائي لهذا الملف فالكل يخشى طي هذا الملف الذي سينعكس ايجابا على حياة المواطن النفسية والاجتماعية وعلى الاقتصاد ( صناعة، زراعة وسياحة) وأكاد لا أبالغ أن كثير من المشاكل البيئية والنفسية وحتى التربوية والعلمية ستحل إذا ما حل هذا الملف الذي فشلت كل الحكومات في ايجاد حلول ناجعة له. كلنا مشاركون في هذا الملف المواطن الذي لا يدفع جباية كهرباء والذي يبذر بالصرف والذي يسرق الطاقة بلا وجه حق فيربط بعض الاجهزة التي تسحب تيارا كبيرا بعيدا عن العدادات الحكومات السابقة في عهد النظام السابق التي بذرت أموال العراق في حروب عبثية لا جدوى منها وصرفت الاموال على شراء البنادق والعتاد لتواجه محتلا يفوفقها ويتقدم عليها بسنوات ضوئية وحكومات جاءت بعد التحرير اتقنت الضحك على عقول المواطنين تطل عليه في الأشهر المعتدلة الحرارة والتي يكون فيها الاستهلاك في أقل معدلاته لتعد المواطن بأن صيفه القادم سيكون بارادا كالاسكيمو وأن العراق سيصدر فائض الانتاج لدول الجوار. وحكومات مابعد ٢٠٠٣ ومسؤولي الكهرباء يستحقون الاعدام حرقا بايقافهم تحت شمس تموز وآب بلا سقف يأويهم ومن العجب العجاب أن يتم التعاقد لشراء محطات كهرباء تعمل في ظروف بيئية لا تتناسب مع اجواء العراق الصحراوية من ناحية حيث لا تتحمل المحطات أكثر من ٣٥ درجة مئوية في أحسن الأحوال وتعمل على الغاز؟! ومن هنا تبدأ مشاكلنا فمن استورد هذه المحطات تعمد في شراءها لثمنها المنخفض وليطمئن انه سيكون له نسبة في عقود استيراد الغاز كل هذا واللجان الفنية والوزراء توافق على شراء مثل تلك المحطات والعراق لا يمتلك اجهزة للاستفادة من الغاز المصحاب من جهة ومن جهة أخري أن الغاز المصاحب لايكون بالضرورة غازا يصلح كوقود لتشغيل تلك المحطات.
ومن العجيب الغريب أن العراق يمتلك أكبر خزين للغاز في محافظة الانبار ولكنه يصر على حرق الغاز المصاحب في كل الآبار التي يستخرج منها النفط وتقدر كمية الغاز المصاحب المحروق هدرا ما يمثل نسبة ٨٠٪ من كمية الغاز اللازمة لتشغيل محطات الطاقة ومايزيد الطين بلة أن هناك محطات موجودة في أحد الموانئ أكلها الصدأ وكلفت الدولة العراقية ستة مليارات من الدولارات ونجهل سبب تركها للصدأ وعدم تجميعها وادخالها الخدمة كما لا نعلم ما دور الجهات الرقاببة كمجلس النواب والنزاهة في هذا الموضوع وكيف يتم هدر مثل هكذا مبلغ بلا حسيب ولا رقيب.
معظم محطات الكهرباء الموجودة في الخدمة قد بنيت من زمن الملك فيصل الثاني والذي تبنى الشروع في كثير من مشاريع حددها مجلس الاعمار وكثير من المشاريع التي نفذها النظام السابق وحكومات مابعد ٢٠٠٣ ما هي إلا مشاريع خطط لها مجلس الاعمار الذي تأسس قبل قيام الجمهورية.ونظرا لعمق العلاقة مابين الحكومات الحالية والنظام الايراني فقد أصرت الحكومات أن تشتري الغاز الايراني باضعاف السعر الذي تبيعه قطر وهذا يعني أنه لو استوردنا الغاز القطري بنفس المبالغ المدفوعة للجمهورية الاسلامية في إيران لضمنا توليد طاقة كهربائية على مدار الساعة وسبب الانقطاعات في فصل الصيف هو لامتناع الجمهورية الاسلامية بتجهيز العراق بالكهرباء في ساعات الذروة وارتفاع الحرارة صيفا وانخفاضها شتاء او قطع امدادات الغاز وهذا سبب خسارة العراق كميات كبيرة تؤثر على تجهيز المواطن بالطاقة.
اضافة إلى كل ما سبق هناك ارادة دولية واقليمية تغذي الفساد المستشري والذي نخر هيكل الحكومة العراقية ووزارة الكهرباء خاصة يمنع خروج العراق من هذه الازمة ليستمر العراق باستيراد الغاز ويستورد باقي المنتجات ليصاب الاقتصاد العراقي بالشلل التام صناعيا زراعيا وسياحيا. ولأن المجتمع العراق يمتلك ذاكرة السمكة ويسهل الضحك عليه ويصدق وعود ولاة الأمور ولأنه اتكالي لا يضحي بساعات ليخرج مطالبا بابسط حقوق الانسان في حياة حرة كريمة يستمر بالانتقاد من خلف الكيبورد ويتحمل حرارة ٩٠ يوما بمحض ارادته لينسى معاناته مع انتهاء موجة الحر أو البرد ليعود لنفس الاسطوانة المشروخة ما بينه وما بين الحكومات التي تشكل لجانا وتبرم اتفاقيات وتعد بصيف بارد وكلها وعود كاذبة وهواء في شبك. هذا قدر آباءنا وقدرنا وقدر من سيخلق في هذه الأرض ليعيش نفس المعاناة.
الحلول سهلة في متناول اليد ولكنه قدر العراق أن يحكمه اللصوص والأفاقين والكذابين وملف الكهرباء ملف من ملفات كثيرة وفي قادم الأيام ننسى الكهرباء عندما لا نجد قطرة ماء للشرب بعد ان يجف النهران ونعود لحياة الاجداد نقتني الجمال وبيوت الشعر نتقاتل على غدير ماء أو بئر كاجدادنا في زمن الجاهلية.