في واحدة من مهازل القدر التعليمي في العراق ان الطالب الذي يريد ان يكمل دراسته الثانوية لا يتاح له ذلك ( لا بالدوام في المدارس الحكومية ولا بالاهلية ) .. اذ لم يسمح له القانون المصوت عليه في البرلمان الا عبر الامتحان الخارجي المعروف بعلاته وهناته المتعددة .. ولا ادري كيف مررت هذه الفقرة القانونية ومن وضعها وكيف صوت عليها البرلمان في حينها ..
كنت على تواصل مع صديقي السوري الأستاذ احمد الدغران للحديث عن هموم التعليم وقد شكوت له عن قطع الانترنيت وتقليل خدماته اثناء امتحانات البكالوريا خشية على سرقة وتداول الاسئلة و لمنع محاولة الغش عن بعد وقرب او أي من أساليب وفنون الغش المتداولة على الساحة .. وقد ضحكنا معا حينما قال انهم أيضا يعيشون ذات الازمة ويعالجوها بذات الطرق .. ثم حدثته عن الجامعات العراقية التي كان معترف بها من جميع دول العالم وكيف كانت قبلة لطلاب العرب الذين يفتخرون بزهو تخرجهم في جامعة بغداد .. وقد ضحك حد البكاء حينما قال كنا ندرس قبل عقود في الجامعات السورية ويجلس معنا الطلاب من مختلف البلدان العربية .. فيما اليوم طلابنا وطلابهم يبحثون عن وسائل الحصول على الشهادات العليا عبر النت او في دول بعيدة عنوانها كبير وحصادها العلمي نزر حد الشح .
تحدث لي عن ولده طالب الجامعة ومحاولته اعانته لاكمال دراسته الجامعية وكيف فتح له محل لهندسة الديكور والترميم .. لكنه تورط به وبدل ان يعينه اصبح ثقلا عليه ويدفع الاجار من جيبه .. فقلت له نفس الماساة يعيشها أولادنا .. لكن الأساليب مختلفة .. بعد ان أصبحت بلدان العرب شرهة في الاستهلاك لا يمكن ان تنجح بمحل الا اذا كان استهلاكي من قبيل بيع الماكولات والوجبات الدهنية السريعة وكذا الشرابت والعصائر المرافقة وأنواع المواد الأولية للاركيلة ومشتقاتها … المبررة لانتشار الصيدليات وبيع الادوية وتعدد محلات التحليل والبسطيات الطبية المفرغة لجيوب المواطن والقاتلة للوطن باسم الطب .
على ذكر الامتحانات وأساليب الغش والرقابة المتبعة فيها من القصص المضحك المبكي سيما في العراق وبعد ان اصبح المعلم بمختلف درجاته ومسمياته الحلقة الأضعف اذ لم يعد القانون قادر على حمايته في ظل سطوة الأعراف واي محاولة تاديب يمكن ان تفسر اعتداء يستحق النخوة العشائرية وما تعنيه من قوة لا يمكن حتى الدولة ان تقف بوجهها ..
ذكر لي صديقي الدغران ان احد الأستاذة في الجامعة السورية أيام زمان كان في الامتحان يسمح للطالب ادخال الملزمة والاستعانة فيها .. لانه قد اخذ ذلك بنظر الاعتبار وحرر أسئلة تستهدف ذكاء الطالب ووجهة نظره الاستنباطية وبما يخمد عندهم رغبة وإمكانية الغش بكل صوره ..
فيما تذكرت احد الطلاب العائد من الامتحان وقد اخذ يتحدث لزملائه بفخر واعتزاز وكيف كان يستهزا بالمدرس حينما قال له .. : ( استاذنا العزيز هل تسمح لنا بالغش عبر المقصوصات الورقية او بما كتبناه على الجدران والرحلات او ادخال المناهج معنا .. فرد المعلم الخائف من الأعراف والقوى المتمردة على القانون .. : ( بل يمكنكم الاستعانة حتى بصديق ) .. !!