ملف التعاون بين العراق وسوريا، والزيارة ثمّ المباحثات الرئاسية، كان ناظمها الأساس هو المياه العذبة لدجلة والفرات، والنهران يمران في سوريا قبل دخولهما العراق، وكذلك قضية الإرهاب، ذلك العنوان الكبير الذي له تفسيرات سورية وعراقية وامريكية وتركية وايرانية شتى لكنها باتت مقننة في الفترة الأخيرة لتجتمع عند مكافحة تنظيم داعش المولود في سوريا والمصدّر للعراق. أمّا القضية الثالثة في ملف التعاون المبحوث فهي المخدرات التي تعد سوريا موطناً ومعبراً في آن واحد لحبوب الكبتاغون وسواها من المواد المخدرة، وقد تأرّقت السعودية ودول الخليج ومعهم الأردن في سبيل منع تهريب هذه السموم القاتلة نحو أراضيها. وفي معاينة فاحصة بسيطة نجد انّ القضايا الثلاث هي نتاج عوامل متصلة بالجفاف والاحتباس الحراري كمسألة عالمية معروفة، وعوامل الحرب التي اندلعت في سوريا منذ العام 2011. وليس هناك موضوع سوري عراقي خارجا عن تلك القضايا.
من المهم والمجدي ان يتعاون العراق وسوريا بشأن هذه القضايا، الا انّ الأهم هو ما نراه من عدم الإجابة على سؤال حيوي مفاده: لماذا لم تقم بين العراق وسوريا علاقات استراتيجية تنموية في خلال عشرين سنة كأقل تقدير، وبقيت العلاقات متذبذبة تمثل مواقف عابرة من قضايا واحداث عابرة أيضا؟
العلاقة بين البلدين كانت دائماً غير صحيحة وغير مكتملة يعتريها النقص والظرفية والامزجة والاطوار الغريبة لاسيما حين يكون هناك طرف ثالث بينهما. لم يقم أي بناء تأسيسي كبير يزاوج بين الثروة والجغرافيا والعامل البشري بين البلدين، في حين كانت دول اهمها إيران تسعى الى أن تستخدم العراق واسطة جغرافية و”مالية” و” حربية” من أجل بناء جسر العبور الاستراتيجي الإيراني نحو العمق السوري حتى الساحل.
العراق لم يبحث يوماً مع سوريا بناء الشراكات الاقتصادية الكبيرة التي تخدمها الموانئ المُيسّرة وانبوب النفط والإمكانات البشرية والتكامل الجغرافي. و برغم تغير الأنظمة السياسية الا انّ العراق لم يتجاوز العلاقة مع سوريا الى المبنى الاستراتيجي.
أعرف انّ ظرف الحرب السورية الداخلية كان عائقاً، لكن ماذا كان قبل الحرب، وماذا عملنا بعد ان انتهت عمليا؟ وكذلك كان للعراق ظروفه عقب الاحتلال.
هناك خلل واضح في التخطيط والتفكير باتجاه التكامل، بغض النظر عن الأنظمة السياسية التي تحكم في دمشق وبغداد، وهذا ما يجب ان يتصدى له الجانبان بترو ودراسة و مسعى عملي وانتاجي لتصحيح مسيرة التعاون وتوجيهها نحو اهداف باقية وليست ترقيعية وظرفية