بدأت‭ ‬مشاهدتي‭ ‬لفلم‭ ‬السهرة‭ ‬الجميل‭ ‬من‭ ‬اللقطة‭ ‬التي‭ ‬ظهر‭ ‬فيها‭ ‬صديقي‭ ‬المذهل‭ ‬روبرت‭ ‬دي‭ ‬نيرو‭ ‬ممدداً‭ ‬على‭ ‬سرير‭ ‬بمشفى‭ ‬أنيق‭ . ‬في‭ ‬البدء‭ ‬ظننته‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬الاحتضار‭ ‬وبعد‭ ‬دقائق‭ ‬قليلة‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬الوغد‭ ‬كان‭ ‬يتماوت‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬ممرضة‭ ‬مدهشة‭ ‬وشهية‭ .‬

جوقة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬ممثلين‭ ‬مشهورين‭ ‬ضمتهم‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬ليالي‭ ‬نيويورك‭ ‬الصاخبة‭ ‬ليقدموا‭ ‬متعة‭ ‬فكرية‭ ‬وإنسانية‭ ‬رائعة‭ ‬ورحيمة‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬أبداً‭ ‬أمريكا‭ ‬الحقيقية‭ .‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬ببطل‭ ‬الفلم‭ ‬لأن‭ ‬جميع‭ ‬نجوم‭ ‬السهرة‭ ‬قد‭ ‬أخذوا‭ ‬حصتهم‭ ‬العادلة‭ ‬من‭ ‬عين‭ ‬الكاميرا‭ ‬الخلاقة‭ .‬

بتراكم‭ ‬الوقت‭ ‬تذكرت‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬شاهدت‭ ‬هذا‭ ‬الشريط‭ ‬الطويل‭ ‬لكنني‭ ‬لم‭ ‬أغلق‭ ‬الشاشة‭ ‬الآن‭ ‬وواصلت‭ ‬المعاينة‭ ‬والتعجب‭ ‬والفرح‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنني‭ ‬أراه‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬لحظة‭ ‬موجعة‭ ‬أو‭ ‬مشجنة‭ ‬أو‭ ‬حميمة‭ ‬عرفت‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬زهايمر‭ ‬جاء‭ ‬مبكراً‭ .‬

ثمة‭ ‬مغن‭ ‬رومانسي‭ ‬وسيم‭ ‬أحببته‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يؤدي‭ ‬أغنية‭ ” ‬عشق‭ ‬أخضر‭ ” ‬الهائلة‭ ‬بصوت‭ ‬سعدي‭ ‬الحلي‭ .‬

جان‭ ‬دمو‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬قد‭ ‬حضر‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬ابتسامة‭ ‬عميقة‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬دي‭ ‬نيرو‭ ‬كله‭ .‬

واحدة‭ ‬تشبه‭ ‬شيماء‭ ‬عماد‭ ‬زبير‭ ‬أعادتني‭ ‬فوراً‭ ‬إلى‭ ‬ذكريات‭ ‬فطوري‭ ‬عليها‭ ‬ومعها‭ .‬

الفارق‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الممثلة‭ ‬كانت‭ ‬تضحك‭ ‬بصوت‭ ‬مكتوم‭ ‬وبالتقسيط‭ ‬،‭ ‬أما‭ ‬شيماء‭ ‬الجميلة‭ ‬فكانت‭ ‬إن‭ ‬ضحكت‭ ‬بالأعظمية‭ ‬فإن‭ ‬سكنة‭ ‬التاجي‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬معامل‭ ‬الطابوق‭ ‬سيسمعونها‭ ‬بوضوح‭ ‬شديد‭ .‬

لسوء‭ ‬الحظ‭ ‬كرهت‭ ‬أجمل‭ ‬جميلات‭ ‬الفلم‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬تناولها‭ ‬السريع‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬كرات‭ ‬الشوكولاتة‭ . ‬كانت‭ ‬تمضغ‭ ‬وتمطق‭ ‬بصوت‭ ‬مسموع‭ ‬وحيث‭ ‬فاجأها‭ ‬حبيبها‭ ‬الخائب‭ ‬،‭ ‬قامت‭ ‬بتقيؤ‭ ‬بضاعة‭ ‬الفم‭ ‬بمنديل‭ ‬وخرجت‭ ‬له‭ ‬وهي‭ ‬تتلمظ‭ ‬مثل‭ ‬قطة‭ ‬مقرفة‭ .‬

الآن‭ ‬ظهر‭ ‬جندي‭ ‬أسود‭ ‬وهو‭ ‬يجري‭ ‬محادثة‭ ‬مصورة‭ ‬مع‭ ‬حبيبته‭ ‬السوداء‭ ‬ويعدها‭ ‬بالعودة‭ ‬قريباً‭ ‬الى‭ ‬الديار‭ . ‬تعاطفت‭ ‬معهما‭ ‬بوصفهما‭ ‬ضحية‭ ‬ثانوية‭ ‬للحلم‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجشع‭ .‬

ساعتان‭ ‬لذيذتان‭ ‬لم‭ ‬تنغصهما‭ ‬سوى‭ ‬تخيل‭ ‬فك‭ ‬الذكاء‭ ‬الأصطناعي‭ ‬الهائل‭ ‬المفترس‭ ‬وهو‭ ‬يقضم‭ ‬بسرعة‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬آداب‭ ‬وفنون‭ ‬جميلة‭ !!‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *