ان من الثابت تأريخيا في احداث واقعة الطف ان الامام الحسين (عليه السلام) في خطابه الثاني يوم عاشوراء رفع شعاره الخالد ((هيهات منا الذلة)) ، ويبدو ان الامام رفع هذا الشعار لانه كان عارفا وبشكل دقيق ان هنالك اقوام ستأتي لاحقا بعد عشرات او مئات او الاف السنيين وستدعي الانتماء والولاء الى مدرسة ال البيت وحبهم للامام ، ولكن في حقيقتهم هم ابعد مايكون عن هذة المدرسة لانهم كانوا والى يومنا هذا رمز للذلة والمهانة والسلوك البعيد والمنافي لاصول وقواعد هذة المدرسة ونهج أئمتها ، وهذا الذي ما رأيناه في زماننا هذا وخاصة ابان النظام السابق ،،، فعندما ورد الامام الحسين (عليه السلام) الى ارض كربلاء واذا به يجد جيش عمر بن سعد ان معظم القاده العسكريين في هذا الجيش هم من رؤساء القبائل الذين كانوا قد بايعوه ، وأرسلو له اكداس من الكتب والرسائل طالبين منه القدوم !! ،،، ان الذي باع الامام الحسين(عليه السلام) هم الذين اشرنا اليهم على الرغم من معرفتهم الاكيدة بمكانه ومنزله الامام ، كونه ابن بنت رسول الله وسيد شباب اهل الجنة ،،، خرج الامام (عليه السلام) لاحقاق الحق وازهاق الباطل (ماخرجت اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا وانما خرجت لطلب الاصلاح لامة جدي رسول الله امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ،،، ) ، الا انهم مع كل هذا وقفوا هذا الموقف المتخاذل تجاه الامام مقابل الجلوس في مجلس عبيد الله بن زياد والسلام عليه وتقديم الولاء والطاعه والتودد له ،،، لكن هل الامر انتهى الى هذا الحد ؟! ، فبعد ما انتهت الواقعه والفاجعه وجرى قطع راس الامام واهل بيته (عليهم السلام) واصحابه فقد حدث صراع بين هذه القبائل ، حيث ارادت كل قبيلة ان تاخذ اكبر عدد من الرؤوس ، حتى تتقرب وتحضى بمباركة ومقبولية الطاغية عبيد الله بن زياد ،،، فقد روي ان رؤوس اصحاب الامام الحسين واهل بيته كانت 78 راسا , فقتسمتها القبائل لتتقرب الى يزيد والى عبيد الله بن زياد ، وهم يرددون ويهتفون بالروح بالدم نفديك يا يزيد ويا عبيد الله بن زياد ،،، وهؤلاء هم انفسهم الذين رايناهم يهتفون بالروح بالدم نفديك يا صدام ، ولو كان الامر قاصرا على صدام ،،، فصدام صدام ، ولكنهم هتفوا ورقصوا لخدم وجلاوزة صدام ، حيث الواحد منهم كان يفتخر ويتباهى لانه جلس مع المحافظ ، او سلم على مديرالشرطة ، او قال له ضابط الامن مرحبا ، او ارسل عليه المسؤول الحزبي واجلسه الى جانبه ، او انه يفتخر ويتحدث بزهو وفرح لانه شرب الشاي عند القائمقام ومدير الناحية ،، واليوم يفعلوا نفس الشيئ مع المسؤولين والساسة الفاشلين والفاسدين ، ولو يأتي طاغية اخر مستقبلا العن مما سبق ليفعلوا اشد مما فعلوا مع من كان قبله !! قال تعالى في الاية 14 من سورة الحجرات ((قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا لسلمنا ولما يدخل الايمن في قلوبكم)) ،،، ولذلك فاننا نجد ان الامام الحسين (عليه السلام) في الخطاب الثاني يوم عاشوراء مسح بهم الارض ، وفضح الذين نكثوا البيعة وانقلبوا على الامام ، ومن يطلع على نص الخطاب الثاني للامام يرى ذلك بوضوح . ان الشيئ العجيب والتساؤل المهم ، هو من من ائمة اهل البيت الاطهار (عليهم السلام) واصحابهم الميامين او التابعين او علماء الامامية من المتقدمين او المتأخرين ، تقرب الى السلطة او الحاكم الظالم او بطانته او تودد اليهم ؟؟!! فالى متى سيبقى هذا الذل والانبطاح والخنوع والركض وراء الطغاة واعوان الظلمة والسراق الفاسدين في كل عصر وأوان ، ويبدو ان احد اهم اسباب فشل العملية السياسية التي تقاد الان من قبل مايسمى بالقوى الشيعية هو هذة الظاهرة المخزية التي اشرت اليها ،، قال تعالى في الاية (113) من سورة هود (بسم الله الرحمن الرحيم) (ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من اولياء ثم لاتنصرون) (صدق الله العلي العظيم) .