يقول الامام علي – ع- اثنان مسؤولان عن الظلم ، وهما الظالم ومن يقبل بالظلم ، لك كل العمر يا سيدي لم تترك فاصلة من الحياة في ذلك الزمن وزماننا هذا دون أن تؤشر فيهما سياقات النهوض في مواجهة الظالم وتحقيق العدالة ، ودون ذلك فنحن شركاء في الظلم ، ونعني هنا ليس الظلم السياسي والاجتماعي فحسب ، وإنما ظلم التسلط على الأموال العامة ونهبها وتبديدها لصالح حفنة من السراق دون رادع أو مواجهة حقيقية مع هؤلاء لانتزاع حقوق المظلومين وان السكوت على هؤلاء أو القبول على ابتزازهم هو في واقع الحال مشاركة معهم .نحن لا ننكر بأن هناك عاملان مهمان في محاربة الفساد وهما الحكومة القائمة حالياً وهيئة النزاهة بقيادتها القضائية واداتها حاليا ، نعم لا ننكر ذلك ، لكن هذا الوضع وتلك الحالة رغم أهميتها كونها تمتلك سلطة القرار والمحاسبة ، لكن يبقى الطرف الاخر وهو مهم جداً ، وهو نحن المواطنين فسكوتنا على الابتزاز السياسي والنهب للمال العام والخلل في أداء الواجب والتشارك مع النهابين هو بعينه الظلم ذاته كونه يتيح الفرصة للظالم على التوغل اكثر فاكثر في حقوق الشعب ، ويمارس اكثر فاكثر عمليات الاذلال للناس عبر التجاوز على حقوقهم في وطن حر متمدن ومدن ومحافظات كريمة وجميلة اسوة بباقي مدن العالم .
شركاء الظلم
المسالة مترابطة بين اختيار الفاشلين لمناصب تتعلق بحياة الوطن والناس وبين قبولنا لهذا الاختيار رغم معرفتنا بهم وبسلوكهم وممارساتهم التي تطول وتستولي على مالنا من مالنا ولنا الحق فيه ، وبذلك نكون شركاء في هذا الظلم ، لنا الحق من أن نحزن وننوح ونلطم على أئمتنا الشهداء ، لكن ليس لنا الحق بالمطلق أن ننسى أو لا نتعلم من هؤلاء الأئمة الاطهار طريقة تلك التضحيات في مواجهة الظلم بالكلمة والفعل الميداني ، ومن يريد أن يبعدنا عن المواقف والأفكار والعدالة للجميع التي ضحى من اجلها هؤلاء السادة الافاضل ، ويجعلنا فقط في دروب البكاء واللطم فهو يقينا يبعدنا عن تلك المأثر الخالدة ويدخلنا في اسر الفكر المتخلي عن الحقوق ، لذلك كانت وصايا الامام علي _ ع _ واحدة من مهمات النهوض ومواجهة الظلم ، كون السكوت على ذلك يمتد للأجيال القادمة .
نحن الان على وشك المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات ، فهل يحسن بنا الاختيار وتحديد عناصر الكفاءة والإخلاص الوطني لمجتمعنا ودولتنا ومستقبلنا ، فإذا غلّبنا رشوة بطاقة التلفون التي لاتتعدى العشرة الاف دينا على اختياراتنا بين مرشح فاشل واخر يريد النهوض وتحقيق العدالة ، فنكون قد وقعنا بالظلم في الممارسة والاختيار ونكون بذلك اسوة بالظالمين .
إن وطننا وشعبنا لا يحتاج لتجربة جديدة ، وإنما الحاجة كل الحاجة تنحصر في الانطلاق بعقلية واعدة واختيار صميمي لكي يتشارك الجميع في عملية النهوض والبناء ، ولنجعل من كل شخص مسؤول يحسب للإرادة الشعبية قبل حسابات الشخصانية والاستفادة من الموقع ، حيث سيحسب الف حساب لشعب يتابع ويشخص كل صغيرة وكبيرة ، وبالتالي يتراجع الظالم أمام يقظة المظلوم وقوة دفاعه عن الوطن ومصالح المواطنين .
إذن نحن الان نستقبل شهر محرم الذي قدم فيه الامام الحسين _ ع_ النفس والعائلة والاخوة من اجل العدالة والايمان الراسخ بوصايا نبي الإسلام محمد _ ص _ وضد البغي وسرقة حقوق الانسان ، فهل نتعلم من تلك التضحيات والأفكار التي طرحها الامام أم نظل نبكي دون الاستفادة من هذا المشروع الحسيني الخلاق ، فعلينا تحشيد الجهود لكي نتعلم من هذه الملحمة الخالدة التي لم تحدث مثلها في تاريخ الإنسانية برمتها منذ ولادة النبوة وحتى يومنا هذا ، وهكذا لنمضي ونتعلم وندافع عن حقوقنا واختياراتنا لكي لا نكون شركاء في الظلم ..