اجتمع العرب في الجزائر وتفرقوا، ولم يصل ضجيجهم الى بغداد، فما رشح عن الدورة العربية همس خجول، ورسائل صحفية غامضة ومقتضبة.. مبهمة التفاصيل، وملتبسة بلا أرقام أو مراكز.. لم تعلن عن عدد البعثة، والألعاب المشاركة، وأسماء الرياضيين والإداريين، وكأنها رحلة سرية يخشى أصحابها حجم الكارثة، وفداحة الهزيمة.
هذه البعثة الملغزة الغائبة حتى عن التصريحات الصحفية قابلها وفد صحفي مجهول، لم يعلن عن أعضائه، ولا نعلم.. هل اختاره اتحاد الصحافة؟ وتلك مصيبة، أم فرضت عليه الأسماء؟ وتلك مصيبة اعظم، فما رشحت عنه من رسائل صحفية كانت الأسوأ في تاريخ تغطية الدورات العربية منذ انطلاقها، حيث شكل الصحفي العراقي دائما علامة فارقة في المشاركات جميعها، ولا يمكن أن يمحو التاريخ تصدي الرائد الصحفي المرحوم ضياء حسن لرجال الدرك اللبناني عندما اعتدى على الفريق العراقي في الملعب الرياضي خلال دورة الألعاب العربية الثانية عام 1957? حيث نقل الى المستشفى مخضبا بجراحه.. ينزف دما وعزة.
للأسف حسابات الفوز والخسارة، وبريق الأوسمة الكاذب، لا يعكس حقيقة المشاركة العراقية من حيث قوة المنافسة، وعدد المشاركين، ولولا المصارعة وأبطالها لأصبحت الحصيلة نكتة سوداوية تروي جانباً مظلماً من رياضة نقف اليوم على أطلالها، فلم يتبق منها إلا الذكريات الرائعة، والأيام الخالدة، بفضل من يحسبون انفسهم قادة ومسؤولين.
اللجنة الأولمبية تتحمل النتائج الهزيلة، فهي لم تستطع التهرب من المشاركة كما فعلت في دورة التضامن الإسلامي تحت ذريعة القصف التركي.. تحاول دائما أن تجعل من نفسها حلقة زائدة تحت شعار الاتحادات المستقلة ماديا ومعنويا.. ثم تعود وتتحدث عن خوض غمار الألعاب الأولمبية بباريس في أسطوانة مشروخة عنوانها.. الضحك على الذقون.
ولا نعرف الى متى يبقى صمت الدولة وهي ترى أموال الشعب المهدورة؟ فشبهات الفساد بأشكالها وألوانها، والايفادات غير المعلنة، وما يصرف على الأولمبية واتحاداتها لا يوازي مطلقا موقع العراق على جدول النهائي للميداليات الملونة، فهل من ينقل الصورة الى الحكومة لتفتح ملف الرياضة المنسي، وتنفض عنه الغبار، وتعيد الرياضة لأهلها الحقيقيين.
المشهد الأخير.. رياضة بائسة، وقيادة فاشلة، متشبثة بالمكان، لا تخجل من ضحالة الإنجاز، ولا تكترث بالنقد، تنظر الى الصحافة عبر المجهر ولا ترى شيئا، فعندما تتضاءل الرسائل الصحفية، وتصبح مساحيق منتهية الصلاحية لتجميل واقع هزيل، ووجوه قبيحة، تغدو اقرب الى العدم.. ربما تصحو إجراءات الحكومة من غفوتها الطويلة فتكتب نتائج الدورة العربية شاهدة قبر اللجنة الأولمبية الحالية، وهنا يبقى السؤال؟ ماذا نكتب على قبرها.. هل سورة الفاتحة أم تبت؟