هدت الفترة التي تولى فيها الجنرال عبد الرحمن عارف رئاسة الجمهورية هدوءا نسبيا بعد انقلاب شباط عام 1963 وانقلاب المشير عبد السلام عارف على انقلاب شباط في 18 تشرين من العام نفسه ، وقد دون التاريخ للرجل مواقف سياسية اتسمت بالسلمية وإشاعة روح التسامح وتخطي عواقب أخطاء الماضي ، وسجل لنفسه مواقف اتسمت ببساطة في السلوك والتزام حقيقي باستحقاقات المنصب ، وكان له موقفا وطنيا ،،بعد تعسف الشركات النفطية بحق العراق في احتكار الثروة النفطية والعمل على تدني أسعاره .. كان جراء ذلك أن الدولة باتت لاتستطيع دفع رواتب موظفيها ، مما دفع بالرجل للخروج على الشركات النفطية البريطانية ، وذلك بمنح مجموعة أيراب الفرنسية حق استثمار حقل نفط شمال الحلفاية ، وعد هذا المنح اضافة الى توقيع عقد استثمار حقل الرميلة الشمالي للاتحاد السوفيتي ،عد بمثابة تمرد على الشركات الانكليزية والأمريكية ، دفع ثمنها الرئيس عارف بانقلاب 17 تموز عام 1968 كما دفع الزعيم عبد الكريم قاسم ثمن تشريع قانون رقم 80 لسنة 1961 في انقلاب شباط المعروف ، فقد خططت الشركات من خلال السفارات للانقلاب والذي تحقق بتحالف البعث مع . و. مدير الاستخبارات العسكرية عبد الرزاق النايف ، وبمؤازرة المقدم ابراهيم عبد الرحمن الداوود ، وبعد نجاح الانقلاب ، أخذ البعث يخطط لإبعاد النايف والداؤود ، فأرسل الاول بصفته وزيرا للدفاع إلى الأردن لتفتيش القطعات العراقية المتعسكرة هناك ، وتم القبض على النايف في القصر الجمهوري ، بعد وجبة الغذاء (وجبة لحم الغزال ) في ظهيرة 30 من تموز عام 1968 وبذلك فقد كانت هذه العملية عملية انقلاب على انقلاب جر ورائه الويلات على العراقيين ، حيث قام البعث لإبعاد رجل كان يمهد للتحول المدني ، وكان متسامحا مع الجميع وسمح بالتظاهر وترك الصحافة بكل أطيافها تكتب والأحزاب بكل اتجاهاتها السياسية تتحرك ،، نعم خروج المظاهرات دون عقوبات أمنية ، وهكذا وربما كانت فرصة ذهبية كانت ستمهد للخروج من شرنقة الدولة العسكرية ، لولا الشركات النفطية واحتكارها للثروة الوطنية التي كانت تعد العدة لكل ما حل بالعراق من تدني وخراب.