العراق بلد لازمت مسيرته الحروب منذ ستينات القرن الماضي ولغاية اليوم، أصبح يعلو على جبال من الركام منها الاقتصادي على وجه الخصوص ومنها السياسي والثقافي والديني على وجه العموم وغيرها من التركات الثقيلة التي باتت جاثمة على صدر هذا البلد الغني بثرواته الطبيعية والبشرية، الا ان جميع الحكومات التي توالت على حكمه والتي لا استثني منها احداً امست عاجزة عن إزالة هذا الركام بسبب ضعف الخطط الاستراتيجية التي وضعت سابقاً وحالياً والتخبط الواضح في تطبيق تلك الخطط .
وللبدء في إزالة هذا الركام الذي بات جاثماً على صدر العراق وشعبه من اكثر من 65 سنة مضت، لا بد من توجيه بوصلة الموازنة الاتحادية الحالية التي اقرها مجلس النواب العراقي مؤخراً ولمدة ثلاث سنوات قادمة الى اصلاح ثلاثة قطاعات رئيسة وعلى وجه السرعة والبدء بإصلاح القطاع المصرفي والعمل على اتمته ومراقبة نافذة العُملة مراقبة صارمة ومن ثم البدء بإصلاحات شاملة وحقيقية في قطاع الصناعة وفقاً لمتطلبات الجودة الشاملة، والتوجه من بعد ذلك الى اصلاح القطاع الزراعي بدءً من كري الأنهر وتوسيع وتنظيف قنوات الري وبناء سدين الأول في كرمة علي عند التقاء نهري دجلة والفرات والثاني جنوب مدينة أبو الخصيب عند الربع الأخير من شط العرب بهدف انعاش الزراعة في جنوب العراق، وانعاش الزراعة وخصوصاً غابات النخيل وارجاعها الى سابق عهدها الى ما قبل الحرب العراقية الإيرانية، فبدون تلك الإصلاحات سيبقى العراق غارق في أحلام اليقظة التي لا تُسمن ولا تغني من جوع.