انها الحقيقة التي نغمض عيوننا عنها، فلو بحثنا عن مستوى الرفاهية لدى الكثير من البلدان نجده مرتفع تبعا لما يمتلكه الفرد وما يقدم له من خدمة. يظن المواطن في بلدي ان توفير خدمة الانترنت هي من وسائل الترف التي لا يمكن الاستغناء عنها ولذلك لا تجد بيتا من البيوت الا ولديه جهاز استقبال للخدمة وبثها. المشكلة لا تكمن في ذلك وانما في جعل الهواتف والمتصفحات في متناول الاطفال وهو ما يجعل كل شي مباح ومتاح امامهم دون قيد او شرط. لا شك ان هذا الحال يؤشر خللا في ادارة منظومة الشبكة وما يصل من خلالها الى المتلقي سواء كان صغيرا ام كبيرا وبالتالي نفقد السيطرة على ما يدخل العقول. كنت في زيارة الى الاردن فتفاجئت ان هناك سيطرة تامة على جميع التطبيقات التي تعرض في جهاز الهاتف وعلى كل المحتوى المعروض فيها، فوجدت ان العوائل مطمئنة تماما على اطفالها ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. اما في العراق فمن الترف اعطاء الطفل جهاز موبايل مع نت مفتوح وتطبيقات كل شي فيها متاح دون حساب الى ان العقل عبارة عن ذاكرة داخلية “internal memory” وان عملية التصفح وخصوصا الفيديوهات القصيرة التي تسمى “الريلز” اخطر ما يكون على العقل البشري، فهي ازاحة معلومة واضافة اخرى او شغل مساحة بما يسمى الخزن العشوائي RAM وهذا يعني تقليل حجم الذاكرة المتاحة واشغالها بما لا يليق. رغم ان سعة العقل البشري عالية جدا لكن هذا لا يعني ان يكون قاربا مشاعا للركوب، وهنا ياتي دور الآباء في السيطرة على ما يعرض في الاجهزة ليكون كل شيء تحت السيطرة قبل ان يخرج كل شي عن السيطرة.