من الناحية النظرية، يدعي زعماء القادة السياسيين في العراق وجود سيادة عراقية تم اكتسابها بعد حرب عام ٢٠٠٣. ولكن من الناحية العملية، يظهر أن القرارات الحكومية لم تكن تماما عراقية.
ففي ظل الواقع الراهن، تمتلك إيران القدرة على تعطيل أي حكومة عراقية من خلال توقيف إمدادات الغاز إلى الأراضي العراقية، مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر بدائل مستدامة. هذا يشير إلى أن الحكومات العراقية تحت سيطرة إيران وأذرعها.
أما بالنسبة لسعر الصرف، فإن أذرع إيران الاقتصادية تعرف أن معظم المصارف لا يمكنها رفض المعاملات المشبوهة او على الاقل السيطرة عليها، مما يعرضها لخطر تلقي عقوبات اقتصادية تؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي وبالتالي تهديد استقرار الحكومة.
علاوة على ذلك، القصف الإيراني والتركي للأراضي العراقية يعتبران حوادث عادية لا تحدث بعدها ردود فعل قوية تدل على سيادة العراق ورفضه لمثل هذه الاعتداءات السافرة. بل رد القادة العراقيون عليها بحذر وتحفظ.
كل ما سبق ليس بجديد على المواطن العراقي فهو يعلم بإن القرار لطالما كان ليس عراقياً بحت، لذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، يجب على الحكومة العراقية أن تتخلص من التبعية وتحصل على كامل سيادتها. يجب أن تسعى لتشكيل حكومة قوية ومستقلة، غير مرتبطة بالمصالح الخارجية، وذلك من أجل تحقيق تقدم حقيقي. وعليها أن تدرك أن إصلاح النظام السياسي الديمقراطي في البلد هو من بين اهم التحديات الرئيسية التي تواجهها.
يجب أن يتم حث الشعب على اختيار قادته بطريقة ديمقراطية ونظامية في الانتخابات القادمة و تهيئة اجواء سياسية موالمة. فإن تسليم السلطة لقادة انتخبوا بشكل شرعي يمكنهُم من اتخاذ قرارات صعبة لها تأثير إيجابي على المستقبل. لا يمكن أن يستمر تشكيل الحكومات بعد مرور أكثر من سنة على الانتخابات والتحاور السياسي. يجب أن يدرك الخاسرون في الانتخابات أنه لا يمكنهم نزع السلطة إلا من خلال انتخابات جديدة وكل ذلك يتم عبر إصلاحات دستورية وعملية انتخابية شفافة، بالإضافة إلى ضبط السلاح المنفلت الذي يؤثر في نزاهة الانتخابات وبالتالي طمأنة الخاسر عبر هذه الضمانات وبسط سلطة الدولة على الخارجين عن القانون الذين ينوون اخذ النفوذ عبر القوة.
النماذج المستمدة من بلدان أخرى تُظهر أن تحقيق الانجازات وحده ليس حلاّ للحفاظ على استقرار البلدان و ديمومة حكوماتها، بل يجب أن يرافق ذلك الاصلاحات السياسية الجذرية.