مما لاشك فيه ان العراق يمتلك الكفاءات و الطاقات والموارد ،والعقول الجبارة القادرة على احداث الفارق في اكثر من ملف ، سواء ارتبط هذا الملف بالسياسية او تحسين الخدمات و حتى في المجالات العلمية والابداعية ، فالعراقي بطبيعته وتكوينه مبدع ومعطاء ، وقد عركته التجارب والمحن ليكون بهذا التميز ،والقدرة على التفاعل مع محيطه وبيئته .
مرت بالعراق ظروف حكم قاسية ، خاض خلالها العراقيين غمار حروب عسكرية واقتصادية مريرة ،رافقها حملات تجهيل ممنهجة كان هدفها قمع هذه الشخصية المتمردة ،التي ادركت ان الانظمة تستخدم الشعب وقودا لحروب ونزوات واستجابة لشهوة السلطة والرياسة والحكم ، قابلها صراع اجتماعي مرير اسهمت مفردات الفقر والحاجة في جعله فاعلا جدا ،لينتهي بتغيير واضح زاد هذه الشخصية صلابة وعنادا .
لقد اسهم الحصار الاقتصادي ومخرجات قرارات مجلس الامن العقابية، التي طالت نظام صدام بعد غزوه الكويت ،بأحداث هزة عنيفة ، ادت لما اشرنا اليه من تغييرات اجتماعية ، لكن ذلك انعكس ايجابا رغم مرارته وقسوته على ان يحفز العقل العراقي ، ويدفعه لسد النقص ومعالجة الفراغ وتعويض الخلل في الانتاج وعلاج شح الموارد ،فأتجه لابتكار البدائل وحتى مع ( بدائية ) بعضها ،الا انها كانت كفيلة بأحداث التوازن ،ولو لا بوليسية ذلك النظام واهماله لجوانب الابتكار وتركيزه بالقشريات ودعمه لالهاء الشعب على حساب معاشه ،وتجاوزه محنته التي كان فيها سببا ومشكلة ،لكان النتاج اكثر جودة وتميزا .
اجمالا العقل العراقي والكفاءة الوطنية بحاجة للرعاية ،وبعيدا عن الشعارات والاستهلاك غير المجدي للعبارات ،هناك دعوة لابد من سماعها والعمل بمقتضاها مفادها ان رعاية الكفاءات العراقية واستقطابها ، يتطلب وجود برنامج عمل جدي يضعه اهل الاختصاص ،يقوم على توفير بيئة عملية تهتم بهم ،وتضعهم في اماكنهم الحقيقية وبأختيارهم هم ،فتهميش العقول يقود للافلاس والزهد بأصحاب الاختصاص في ادارة المفاصل الهامة ينتهي لتضييع الفرص على هذا الشعب . نعم انها دعوة للسيد رئيس الحكومة وفريقه الذي اثبت الحرص ،والرغبة بمعالجة الاوضاع العامة والنهوض بالبلاد ،للمبادرة و وضع برنامج قابل للتطبيق تسهم فيه الكفاءات والعقول العراقية ،وما يجب اداركه ان فسح المجال امامها ، سيعود بالخير العميم لهذا البلد ومستقبل اجياله ورفاهيته . والله من وراء القصد ..