العالم تعرّف درجةَ الحرارة المثيرة والصادمة التي تجاوزت الأربعين، وسط حرائق تغطي اليونان والجزائر وتشل الوضع السياحي في عدد من دول حوض البحر المتوسط ولو لأيام، في حين يسمع المواطن العراقي عن درجة اربع والأربعين وست وأربعين ويكاد يضحك، وغالبا ما يسخر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتبادل صور مقاييس الحرارة لمدن عراقية في وقت الظهيرة وقد تجاوزت الحرارة ستا وستين درجة، وان رقم خمسين مئوي هو من الأرقام العادية والمألوفة في صيفنا العراقي، ولديّ صورة وصلتني قبل يومين من صديق أثق فيه التقطها بنفسه في الموصل تشير الى السادسة والستين، ولا أقول بغداد أو البصرة ذات الصيف الجحيمي.
حرائق الغابات هي أولى نتائج هذا الصيف اللاهب في معظم الدول المتأثرة بموجات القيظ الشديد، وفي العراق يقولون انه من النِعم انّ الغابات نادرة، من دون أن يقفوا عند حقيقة الفائدة المناخية العظيمة لوجود غابات وأحزمة تشجيرية حول المدن وفي البراري أيضاً.
دول العالم لديها امكانات واضحة في التصدي لحرائق الصيف المفاجئة أو المتوقعة، وتتصدّر تلك الإمكانات الحوامات المتخصصة بمكافحة الحرائق والمعروفة بقاذفات المياه.
يا تُرى كيف هي الاستعدادات لدى الدولة العراقية التي تدرك انّ الحرارة الشديدة، غالبا ما تشعل النيران وتتكاتف مع حرائق من صنع خربطة البشر في عشوائيات الاسلاك لتوليد ونقل الطاقة الكهربائية؟
كم حوّامة لمكافحة الحرائق نمتلك؟ وكم دورة جديدة لفرق الإطفاء والدفاع المدني أنجزنا بالتعاون مع الدول الصديقة ذات الخبرة في مجال التصدي للكوارث الطبيعية؟
هذه الأسئلة وسواها الكثير، تحتاج الى بند عاجل في اجتماع مجلس الوزراء المقبل للوقوف بالتفاصيل على حقيقة الإمكانات في الدفاع والمدني والانقاذ، وأذكّر هنا انّ كارثة غرق العبّارة قبل سنوات قليلة في نهر دجلة بالموصل، ما كانت لتتجاوز ضحاياها المائتين في لمح البصر وأمام انظار الناس والحكومة لو انّ وسائل الإنقاذ النهري كانت أكثر من ذلك الزورق المتهالك والوحيد للشرطة النهرية في مدينة تعدادها خمسة ملايين نسمة.
التخطيط يعني نظرة تفصيلية في جميع مفاصل الحياة من أجل ادامتها في مدى منظور في الأقل، فضلاً عن المنظور المستقبلي