قم للمعلم وفه التبجيلا ، كاد المعلم ان يكون رسولا ، قولة اثيرة قالها شاعر الشعب معروف الرصافي ، ومضت في الارجاء كعصف الريح .إن للمعلم وعلى مدى التاريخ مكانة وحظوة لايستهان بهما فهو من امهر اركان التربية والتعليم وصولا الى ضفاف السلامة والمعلوماتية الفكرية وهي مهنة شاقة عانيت منها بصفتي مدرسا سابقا ، فهي تتطلب جهدا استثنائيا كبيرا وعليك ان تواجه يوميا اكثر من مائتي طالب قادمين من مناشيء شتى وتقدم لهم المادة التاريخية والعلمية على طبق من اللوز المحمص والزبيب المقرمش . يحصل هذا بشكل خاص مع الحصص الجديدة ترافقه خطة عمل لاتغني ولاتسمن من جوع ، المهم هو ان يستتب النظام على ايقاع جرس المدرسة بضبط اوقاته ويذهب مدرس التاريخ وزملاؤه في الفرصة المقتضبة ، لاحتساء الشاي البارد كالعادة كان المعلم ايام زمان ، وحين يمر في ازقة المحلات يحظى باهتمام وتقدير ، اما اليوم فإن الوضع مختلف من الالف الى الياء كانت القيم مختلفة بحد ذاتها ، ويأتي من يطالبك بظروف تربوية افضل … ومما يروى هنا ، حين كنت مدرسا في : “متوسطة علي بن ابي طالب ” في ناحية المدينة بتسكين الميم ، كان لدي طالب تبنيته وجعلت منه مراقبا للصف وكنت اطلق عليه ” جوني ” بتسكين الجيم ، قال لي يوما استاذ انت تجعل الطلاب يضحكون علي لانك تناديني جوني بفتح الجيم وليس بضمها مثل الممثلين وضحكت مع نفسي ولم اتردد في مواصلة مناداته على الطريقة الاميركية ومما يروى هنا ايضا في معاناة المدرسين وطلبتهم كان المدرس بانتظار سيارة النقل وكان قد طلب من الطلاب الاسراع بالإجابة :” بما قل ودل ” فساله طالب مسترخ : استاذ هذا مو هو الرجال مصطفى جواد واجابه المدرس بنعم واضاف الطالب : استاذ هو التاريخ كله حشو ، زبن هو هتلر ليش كان ضد موسوليني ! فرد الاستاذ :يمعود كانوا حبايب ؟ واردف الطالب : زين وهذا السمين ابو الجيكارة الدبل وقصد : تشرشل ! صديق من؟ هذا صديق المرحوم الوالد .. ابني قلنا اكتب فقط ماقل ودل ، اشطولتها وعرضتها ؟ وليس مهما ان يدل او لايدل ، السيارة راح تعوفني وتروح لبغداد الحبيبة ، وكان الاستاذ شغوفا بالاكل البصراوي وخاصة سمك الزبيدي والروبيان

وفي زيادة لمستزيد عن معاناة المدرسين ومكابداتهم عند عودتهم الى ديارهم الاصلية كان هناك استاذ يستعجل للانتهاء من الإجابات استعدادا للرحيل ، سأله طالب : استاذ ليش العلمي افضل من الادبي ، فلم يجب الاستاذ ولكنه قال ان اسئلة العلمي اكثر اختصارا اما اجابات الادبي فتحتاج الى شروح وتحليلات ووجهات نظر وطالب مستعجل لمشاهدة الفيلم الهندي . هنا رفع المدرس الرأس قائلا الجواب عند ” ميكافيللي ” فعنده الخبر اليقين ، وهانحن من حفنة من السنين ونحن ننتظر افكار ” ميكافيللي ” ونظرياته بينما التاريخ يعود بنا الى الوراء بمثالية فذة ، ليس المهم ان نتقدم او نتاخر ، المهم ان نلحق بباص النقل الذي سينقلنا الى عاصمة الرشيد حيث دجلة الخير ام الرياحين والفرات الرقراق والهواء العذيبي الصافي ، كل شيء هنا يعطي العذوبة وللاشياء معانيها التفت الاستاذ لتلميذه قائلا له ساعطيك 50 درجة على الامتحان .ان اجواء بغداد اهم عندي من رسوبك او نجاحك ؟ او سقوط ” ميكافيللي ” الذي اضاع الخيط والعصفور . اما موسوليني وهتلر والعم: تشرشل فليذهبوا الى حيث هم الان باذن الله : بغداد مااشتبكت عليك الأعصر ، الا ذوت ووريق عمرك اخضر / رحم الله الشاعرمصطفى جمال الدين الذي ابدع هذه الايقونة النادرة

وشكرا لمعلمينا الاشاوس اعطاهم الله الصحة والعافية وطاقة الاحتمال

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *