من خلال الواقع ومن خلال هذه الطبقة الهشة التي تعيش في زوايا المجتمع وفي ركن بسيط فيه او على هامش الحياة ومافي هذه الحياة من قساوه نتيجة للتفكك المجتمعي وظهور طبقات مختلفة ونقصد بذلك طبقة تعيش في رخاء تام وتسيطر على كل مقدرات الحياة ولها الحق كاملا في كل شي حتى في تملك أرواح الناس وحياتهم وهذه تظهر نتيجة لعشوائية الدولة في التخطيط وانحسار كل مافيها الى فئة معينة ونتيجة لهذه العشوائية في التخطيط فلا غرابة ان تظهر الجريمة ولا غرابة ان يظهر التفكك الاسري والانهيار التام في منظومة الاخلاق فقبل ان نعيب هذا التفكك علينا ان نعي الأسباب او الدوافع خلفه وان نعي ان الجوع يولد ما يولد من مشاكل خاصة وان المثالية في الاخلاق أمر لا يستقيم مع حاجة المجتمع وحاجة الفرد فيه كل مكملات الحياة

هذه الرواية والتي عدت قراءة جميلة للمجتمع الروسي في وقتها خاصة في نهايات القرن التاسع عشر بعد ان ظهرت بوادر الفكر الرأسمالي هناك وظهور الطبقات المجتمعية فكانت هذه الرواية قراءة لذلك الواقع من خلال نماذج انسانية مختلفة فكل شخوص الرواية هم أبطال فيها والبطولة هنا لم تحصر على الشخص الأول فيها بل كان الكاتب دوستوفسكي يضع لكل شخص في الرواية قصة ومعنى ومن خلاله كان يقرأ طبيعة كل فرد فأحد هولاء كان شخص قليل الاختلاط مع الأخرين ويعيش في جو نفسي معين من ان هذا الواقع المزري بحاجة الى انقلاب وبحاجة إلى أن يصحح ويرى في ذاته المقدرة والقدرة على ذلك خاصة وانه انسان مثقف ويفهم متطلبات الحياة والعوز الذي تعيش فيه أسرته وايضا الأسر الأخرى والتي هي على شاكلة أسرته وكيف من ان الطبقة الغنية التي امتلكت كل شي تريد أن تمتلك الآخرين أيضا من باب ما لها من مال او سلطة ومن ان هذه الطبقة في نظر هولاء ما هم إلا رعاع لا أكثر وان يفنو حياتهم من اجل الغني وما له من رغبات جانحة

والبطل الأول في الرواية يعيش في صراع نفسي كبير من هذا التفاوت الطبقي فكان لزاما علية ان يتبنى هذه القضية وان يصحح المسار وبات هذا الأمر جل مطلبه وغايته الاولى في الحياة خاصة وانه يرى من انه مؤهل لهذا الأمر من خلال ما له من فكر وايمان بعدالة قضيته ولذلك تبنى هذا الأمر من خلال ما له من كتابات في صحف معينة في ذلك الوقت ومن خلال ماله من اطلاع مباشر على الواقع المزري الذي فيه أبناء هذه الطبقة فهو يرى هذه المعاناة من خلال الشابة سونيا والتي تعرف عليها في وضع معين وكيف من انها ومن اجل عائلتها تبيع جسدها لكل من يدفع وبدراهم قليلة المهم لديها ليس المتعة الجسدية بل سد الجوع في افواه اخوتها

تبدأ العلاقه بينهم وتزداد ويزداد الاصرار عند البطل من ان يصحح مسار الحياة الذي فيه فباتت قضيته عامة وليست قضية شخصية مع افراد معينين بل باتت قضية سونيا من ضمن ما يخطط له ولهذا ومن اجل ان يوفر لها المال ومن دون أن يتسخ جسدها بقاذورة من هذا او ذلك سعى إلى أمر القتل من امرأة طاعنة في السن عملها انها مرابية في المال اي تسلف المال للاخرين من اجل زيادات تحصل عليها فيرتكب البطل جريمته وهو يتصور ان عمله هذا هو الباب الأول للحياة الكريمة ومن اجل الاصلاح لانه في ذاته يقول لابد من القتل أحيانا للوصول الى الغاية السليمة والى الهدف المنشود وان الابطال في التاريخ نابليون او غيره بنو مالهم من تاريخ من خلال سفك الدم وهكذا بنظره يولد عظماء التاريخ وانه أهل لهذه العظمة وأهل لأن يتزعم الامه والمجتمع

صراع نفسي كبير بات في شخص البطل خاصة وان هذا الأمر بات ياتيه حتى في منامه وكل ما له من تصرفات يومية

هذه الرواية وكما قلنا بما فيه من شخوص هي قراءة لواقع اليوم الذي نحن فيه بل هي قراءة لواقع أكثر من مكان من خلال التعدد الطبقى والمكانة التي يحضى بها بعض الحثالة على حساب طبقة مسحوقة لأنها طبقة نبيلة لا أكثر ولأنها طبقة تريد أن يتساوى الناس في العيش ومن باب العدالة الاجتماعية التي هي الهدف لبناء اي مجتمع.

هذه الروايه لها اكثر من شبيه في واقع اليوم ومن خلال ما نراه من فوضى في كل شي خاصة في أمر غياب القانون حيث من الممكن أن يعدم انسان سرق رغيف خبز بينما يتغاضى عن آخر سرق ميزانية دولة كاملة هذه هي غياب العدالة والتي تولد الثورات وتولد التذمر لدى البعض أيضا على اضعف الإيمان قد تخلق جو من العدائية والفراق بين المواطن وسلك الدولة بل تولد عدائية في ذاتية البعض بل قد تجرف او تاخذ بالبعض على منحنيات أخرى أكثر خطورة من اي شي.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *