لا يمكن دفن الرؤوس في الرمال وعدم مواجهة الواقع عبر الحقائق والأدلة، ولا يمكن ترك ملفات خطيرة نهبا لتوقعات وتكهنات وأمزجة.
. قبل أيام زار وفد من الكويت يترأسه وزير خارجيتها وتباحث مع الحكومة العراقية بمَن يمثلها، بعد نقل رسالة من امير الكويت الى رئيس الوزراء العراقي. موضوع المباحثات هو ملف حدودي لا يزال معلقاً وعالقاً بحسب الجانب الكويتي على الاغلب، استكمالاً لما فرضه مجلس الامن من عقوبات انتجت قوانين ملزمة عقب حماقة غزو صدام حسين الكويت.
الأجواء فيها حساسيات مختلفة، وهناك وجهات نظر شتى حول تحمل تبعات نظام زائل ارتكب أخطاءً ودفع العراقيون أموال جيل كامل وازكى دمائهم ثمناً لتلك الحرب الكارثية.
بين يدي شكوى من نائب عراقي الى المدعي العام، يتحدث مضمونها عن طلب إيضاحات حول المباحثات الحدودية مع الكويت، كان قد وجهه الى وزارة النقل التي اعتذرت عن عدم تلبية طلبه، كونها ليست جهة الاختصاص، وانّ الخارجية مكلفة هذا الملف، ويقول النائب انّ الخارجية لا تجيب على تساؤلاته، لذلك اضطر الى تقديم شكوى ضدها عند رئيس الادعاء العام .
هناك في المقابل تصريحات مثيرة حول اشتراك العراق بملف خلافي هو حقل الدرة الغازي الذي تقول ايران انّ لا أحد يستطيع التنقيب فيه من دون اتفاق واضح مع الكويت والسعودية كونه حقلاً متنازعاً عليه، وتصر الكويت انه ملكها وحدها. وهذه مسألة حدودية أيضا، ولم يخرج عن الحكومة العراقية أي موقف واضح بشأنها. في سماء الشائعات او التسريبات هناك كلام عن دفع الكويت رشى لمسؤولين عراقيين في المشهد الان او في مشاهد حكومية سابقة.
كل ذلك يخلق مناخاً شعبياً ضاغطاً، قد تنتابه تشنجات وتداعيات داخلية وخارجية، لاسيما في بلد مثل العراق، هناك عشرون جهة فيه، ليس بينها الحكومة ، تستطيع تحريك الشارع وصناعة رأي عام في أيام قليلة تجاه اية مسألة تخص شأناً عراقياً كبيراً .
من هنا، الأوضاع لا تحتمل تأجيل كشف الحقائق والذهاب الى مجلس النواب، في حال كان لديه مجال وتكرم على البلاد، لمناقشة ماذا يجري على نحو دقيق بين العراق والكويت ، واذا كانت هناك حقوق عراقية لابد ان يتم الإعلان عن سبل الدفاع عنها، واذا كان للأخرين استحقاقات معينة فلابد من الإيفاء بها، بدل ان يحتمل الوضع من الكلام والضغوط اكبر من طاقته، ومن ثم تحدث انهيارات تضر الجميع