ثمة كلمات تتساقط فرحًا، وأخرى حزنًا، ثمة كلمات تبني وطنًا، وأخرى تهدم كونًا بأسره، ماذا لو كان العشق نقطة انطلاقة كلمات شاعرة تحبو من بيئتها البعيدة، والبعد قد لا يرتبط بالحدود الجغرافية فحسب، إنما ثمة حدود تفرض نفسها فكريًا واجتماعيًا وثقافيًا، يحتاج الشعر آنذاك طريقة تخرجه من غيبوبته وحدوديته، قد تكون الترجمة إحدى الطرق المألوفة، نعم هذه هي الطريقة التي أخرجت نصوص (كژال إبراهيم خدر) من فضائها الخاصّ إلى فضاءات عامّة واسعة، فقصائدها عَبرت المجرات والبحار البعيدة لتحاكي سماوات بلا فواصل.
كژال إبراهيم خدر الإمرأة المزدحمة بالحزن والمآسي، الشاعرة التي نسجت من خيوط سجل ذكرياتها وأيامها العتيدة قصيدة اليوم بمعطياتها مختزلة “احتراقات وبسمات وعشق وضياع…”، فنصوصها لا تتوقف عند تفسير الأسئلة الوجودية وماورائياتها على وفق منظورها فحسب، إنما توظف ثقافة شعب ووجدانه، فضلاً عن محاكاتها للعالم المعاصر، للتعبير عمّا هو أكثر شمولية وأبعد حدودية؛ وقد يكون آنذاك الشعر أداة كاشفة عن الهُوية القومية.
كان الشعر بالنسبة لها طريقة أخرى للتمرد على الموجود، والخروج عن المألوف فتقول: “أنا تحولتُ إلى قصيدة جديدة ونشيدٍ للوطن”
لُقِّبَت بـ”شاعرة الأحلام المستحيلة” لأنها كثيرًا ما تحلم شعرًا، كثيرًا ما تحلم بوطنٍ آمن، وبآخرَ يشاركها الطرقات البعيدة، فهي التي تقول في نصٍ لها:
“أنا أريد في هذه الطرق، والصورة البيضاء
لنكن قلباً ويدا واحدة
لكي لا نكون في هذا العالم وحيدين”
كانت الوحدة هاجس الشاعرة، كما هي هاجس شعراء عصرها، فنراها تلاحق ظل الآخر كامرأةٍ صوفية “حتى تتيقن بأن قلبها يميز ما بين عناوين الثلج والمطر والحب”.
فهي في نصوصها تحوّل التفاصيل الصغيرة إلى مجازات كبرى، بأسلوبها المحتشد بالصور والمعاني؛ للوصول إلى حقيقة ما تكتب، ويمكننا أن نلخصها بقولها “أنا الآن شاعرة ولي بلدي يرتمي في أحضاني”
تضم مجموعة (كلمات العشق المتساقطة) نصوصًا مترجمة عن لُغتها الأصل الكُردية إلى العربية، من قبل مجموعة مترجمين وشعراء لهم باع في هذا المجال.
قد تختلف مستويات الترجمة ليس من واحد لآخر فحسب، بل حتى تلحظ اختلاف المستويات عند المترجم الواحد، فمن الطبيعي أن نلحظ في هذه المجموعة الشعرية تفاوتا في المستويات فتقارب حينًا وتتباعد حينا آخَر، وإن ما يجمع مترجمي هذه النصوص وحتى الشاعرة نفسها، هو انتماؤهم إلى فترة زمنية واحدة أو متقاربة.