التقيتُ بصديقي إبراهيم بعد سنين من الفراق، وهو الآن رئيس تحرير صحيفة يومية مهمة. دعاني إلى العشاء في بيته، ولمّا دارت عقارب الساعة اشتدّ النقاش بيننا، وكنّا مثل خيل الطراد نتسابق في إثبات الحجّة والدليل، يتقدّم أحدنا، ثم يتراجع بعد أن يدرك حصانه التعب، وكان الحديث يدور عن السياسة، بالطبع. في الدورة الثالثة من السباق كان مضيّفي تعبا وفاقد الحجّة، ولمّا لم يجد شيئا يقوله، تاقت روحه إلى الغناء:
– عيني لميعة | بنتك بديعة الاغنية لا معنى لها، وصوت صديقي مبحوح نشاز من أثر التدخين، وكان يصفّق بيديه مترنّما مع اللحن. وعندما تعددت الكؤوس تراخى الطراد بين حصانينا، وتغيّرت وجهة الحديث إلى الشعر، والقصة، لكن الأغنية بقيت ملازمة لمضيّفي، طوال بقية السهرة:
– عيني لميعة | بنتك بديعة.