تشكل الثقة حجر الزاوية بالنسبة للمؤسسات المالية والمصرفية التي تسهم في تعزيز اقتصاد أي دولة وبرامج تنميتها، مثلما ينبغي أن يسهم البنك المركزي بدور محوري لتعزيز تلك الثقة والحرص على رصانة تلك المؤسسات ومشروعية أعمالها والمحافظة على أموال المودعين والمساهمين فيها، من خلال حزمة إجراءات رقابية ووقائية معروفة للمختصين. وشهد العراق بعد عام 2003? افتتاح العديد من المصارف الأهلية لكسر الاحتكار الحكومي لهذا القطاع وتطوير العمل المصرفي ومواكبة التطورات العالمية، وهو ما حظي بترحيب المواطنين الذين عانوا طويلاً من تخلف المصارف الحكومية وإجراءاتها الروتينية المملة، بيد أن الفوضى التي شهدها البلد، انعكست على ذلك التوجه، حيث أصبحت العديد من المصارف الأهلية واجهات، أو دكاكين، لغسيل الأموال وتهريب العملة، بل وحتى سرقة أموال المودعين والمساهمين، في ظل قصور إجراءات البنك المركزي وتقاعسه عن أداء دوره في هذا المجال، بنحو أدي إلى عزوف نسبة لا بأس بها من الناس عن إيداع أموالها في المصارف العراقية برغم ما لذلك من سلبيات ومخاطر سواء عليهم شخصياً أم على الاقتصاد الوطني بعامة. وتشكل المصارف المتلكئة أو المفلسة، كالوركاء، على سبيل المثال لا الحصر، وصمة عار في جبين النظام المصرفي العراقي بعامة والبنك المركز العراقي بخاصة، لما ألحقته من أذى كبير بمئات الآلاف من المودعين والمساهمين، الذين يطالبون بحقوقهم من دون طائل منذ نحو 14 سنة. إن سمعة النظام المصرفي العراقي وإعادة الثقة المفقودة به، تتطلب أولاً وقبل كل شيء، التوصل إلى حل عادل وجدي، ينهي تلك المأساة المزمنة من خلال تصفية تلك المصارف (المتلكئة) وإغلاقها نهائياً، أو دمجها وإعادة رسملتها، أو إقراضها من قبل الحكومة لتتمكن من استئناف العمل تحت قيود مشددة، مع ضرورة إعادة حقوق المودعين والمساهمين في تلك المصارف، وهو ما ينبغي أن تحرص عليه الجهات المعنية لاسيما البنك المركزي ووزارة المالية والحكومة كما مجلس النواب ورابطة المصارف الخاصة. كما ينبغي أن يتحمل البنك المركزي العراقي مسؤوليته الكاملة تجاه المتضررين، بعيداً عن التصريحات والإجراءات غير الفعالة وغير المجدية حتى الآن، قدر تعلق الأمر بمصرف الوركاء على الأقل، وأن يتخذ إجراءات حاسمة لمنع تكرار مثل تلك المأساة مجدداً، وضمان رصانة المصارف الأهلية والكشف المبكر عن أي تلاعب أو أعمال غير مشروعة فيها. وأدعو البنك المركزي العراقي إلى الالتفات قليلاً لمودعي المصارف المتلكئة ورعاية لقاء يجمع ممثليهم مع أصحاب تلك المصارف فضلاً عن رابطة المصارف الخاصة، لإيجاد صيغة حل مناسبة تنهي مأساة أولئك المودعين الضحايا وتسهم في إعادة الثقة لا للمصارف الخاصة حسب، بل وأيضاً للنظام المصرفي العراقي أيضاً.. فهل من مبادر؟ قولوا إن شاء الله.