لا تخرج معلومات واضحة عن زيارات المسؤولين العسكريين والأمنيين الأمريكان الى الخليج الساخن إلا بعد فترات طويلة، وعبر تسريبات محدودة الى صحف في الولايات المتحدة، ولا يكون ذلك التسريب ببراءة أو بالصدفة، وانما يرتبط بتوقيتات معينة غالبا ما تكون ضاغطة من اجل الإحاطة بملف معين.
المدمرات الامريكية وصلت الى الخليج في اعمال دورية لحماية ناقلات النفط من قرصنة إيرانية لم تقع فعلا، لكن من المتوقع ان تحدث. وهذا الاجراء الاستباقي العسكري الأمريكي، لا يجري اتخاذه عادة في أجواء معتدلة وربما هادئة في الخليج كما هو الحال الان بعد المصالحة الإيرانية السعودية خاصة، مما يحيل الى تساؤلات وهواجس حول المستقبل المنظور بشأن أمن الخليج ومستقبل امدادات الطاقة. في ذات الوقت لم تنته بعد جولة المستشار الامن القومي الأمريكي سالفيان في الخليج حيث التقى عدداً من زعماء دوله.
إيران تجد نفسها انها المعنية الأولى بالتحركات الجديدة، من خلال ما نراه من تصعيد في التلويح بالرد العسكري والامكانات الحربية والتكنولوجية التي بحوزة الحرس الثوري. في الجانب الاخر، يخيم الصمت على المفاوضات النووية بين إيران والدول الغربية منذ ان توقفت وأعقبتها زيارات الى المفاعلات النووية الإيرانية، وتصريحات صاعدة ونازلة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
زيادة القطع الحربية الامريكية في الخليج، تؤكد انّ هناك مساراً آخر قائماً مع كل مسارات التفاوض والتقارب والتفاهم، لكن في نفس الوقت لا يمكن تصنيف ارسال ثلاثة الاف جندي لقوات المارينز على انه مؤشر لشن حرب من أي نوع كانت. اذ اعتاد الخليج عبر حروب دولية سابقة كان مسرحا لها على تحشيد مئات الالاف من الجنود والقطع الحربية، مع مراعاة ان التكنولوجيا المتقدمة الموجودة اليوم لم تكن متاحة في الحرب الامريكية في الكويت العام 1991 او في حرب احتلال العراق العام 2003.
مقدمات الحروب تختلف من زمن الى آخر، لكن أهدافها قد لا تختلف كثيراً، لاسيما حينما تشذ دولة معينة عن سياق توزيع مراكز القوى على الخارطة الدولية. السياسة الإيرانية اذكى بدرجات كبيرة من السياسة العراقية ابان النظام السابق، اذ تعي طهران حدود الخطوط الحمراء جيداً وتناور قربها من دون اجتيازها، لذلك لن تواجه ايران في المدى المنظور، اذا لم تحصل مفاجآت دراماتيكية ، اية حرب بالمعنى التقليدي الذي كان العراق قد تعرض له في العقود الماضية