اكثر‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬التساؤل‭ ‬والدهشة،‭ ‬ما‭ ‬تسمعه‭ ‬من‭ ‬اغلب‭ ‬السياسيين‭ ‬العراقيين‭ ‬والمتصدين‭ ‬للسلطة‭ ‬من‭ ‬شعارات‭ ‬وخطط‭ ‬لإصلاح‭ ‬الاوضاع‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬

وانا‭ ‬مثل‭ ‬غيري‭ ‬من‭ ‬المواطنين،‭ ‬اتسائل‭ ‬هل‭ ‬هم‭ ‬فعلا‭ ‬جادون‭ ‬في‭ ‬ذلك؟‭ ‬ام‭ ‬انهم‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تخدير‭ ‬الشعب‭ ‬لقضاء‭ ‬الفترة‭ ‬المكلفين‭ ‬بها‭ ‬ثم‭ ‬ترك‭ ‬الامور‭ ‬لمن‭ ‬يأتي‭ ‬بعدهم‭. ‬

شعار‭ ‬الاصلاح،‭ ‬براق‭ ‬ولكنه‭ ‬مخادع‭ ‬خاصة‭ ‬للطبقات‭ ‬الفقيرة‭ ‬والشرائح‭ ‬المؤدلجة‭ ‬طائفيا‭ ‬وقوميا‭. ‬

نحن‭ ‬نعلم،‭ ‬بان‭ ‬الذي‭ ‬يبتغي‭ ‬الاصلاح‭ ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬يبدأ‭ ‬بإصلاح‭ ‬نفسه‭ ‬قبل‭ ‬الاخرين‭. ‬

وقد‭ ‬وقع‭ ‬تحت‭ ‬نظري‭ ‬وانا‭ ‬اكتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور،‭ ‬منشور‭ ‬يفيد‭ ‬بان‭ ‬ما‭ ‬يتقاضاه‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬عراق‭ ‬اليوم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الستين‭ ‬الف‭ ‬دولار‭ ‬شهريا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتقاضى‭ ‬فيه‭ ‬السيد‭ ‬رئيس‭ ‬ايران‭ ‬الفي‭ ‬دولار‭ ‬فقط،‭ ‬والفرق‭ ‬واضح‭ ‬بينهما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مساحة‭ ‬وعدد‭ ‬سكان‭ ‬البلدين‭ ‬وهكذا‭ ‬يسير‭ ‬الامر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لرواتب‭ ‬السادة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ورئيس‭ ‬البرلمان‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬باقي‭ ‬الامتيازات‭. ‬

وقد‭ ‬عرفنا‭ ‬بان‭ ‬موازنة‭ ‬العراق‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬قد‭ ‬تضمنت‭ ‬مخصصات‭ ‬للرئاسات‭ ‬الثلاث‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬‮١‬‭ ‬الى‭ ‬‮٣‬‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬متهالك‭ ‬في‭ ‬بناه‭ ‬التحتية‭. ‬

هل‭ ‬يعقل‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬الوزير‭ ‬الذي‭ ‬غادر‭ ‬منصبه‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬امتيازات‭ ‬وحمايات‭ ‬وسيارات‭ ‬المنصب،‭ ‬وكأنه‭ ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬من‭ ‬انجازات‭ ‬نوعية‭ ‬خلال‭ ‬مروره‭ ‬على‭ ‬الوزارة‭ ‬بما‭ ‬يستحق‭ ‬تكريم‭ ‬الامة‭ ‬له،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬سوى‭ ‬احد‭ ‬حلقات‭ ‬فشل‭ ‬البلد‭ ‬ووصوله‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المزري‭. ‬

مرة‭ ‬اخرى،‭ ‬اكتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬وانا‭ ‬اعيش‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬وارى‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانيا‭ ‬السابق‭ ‬جونسون‭ ‬مستخدما‭ ‬دراجته‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬وخصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬احد‭ ‬الاسواق‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬اجور‭ ‬روود،‭ ‬بلا‭ ‬حمايات‭ ‬او‭ ‬سيارات‭ ‬مصفحة،‭ ‬وارى‭ ‬كذلك،‭ ‬توني‭ ‬بلير‭ ‬يوميا،‭ ‬وهو‭ ‬خارج‭ ‬من‭ ‬مسكنه‭ ‬المتواضع‭ ‬في‭ ‬سيارة‭ ‬واحدة‭ ‬مع‭ ‬سائق‭. ‬

اليس‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬عودة‭ ‬الوزير‭ ‬الى‭ ‬وظيفته‭ ‬السابقة‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬فترته‭ ‬بلا‭ ‬امتيازات‭ ‬وعودة‭ ‬راتبه‭ ‬السابق‭ ‬حسب‭ ‬شهادته‭ ‬وعمله،‭ ‬وان‭ ‬يتقاعد‭ ‬ذلك‭ ‬الوزير‭ ‬اسوة‭ ‬بأقرانه‭ ‬عند‭ ‬وصوله‭ ‬الى‭ ‬سن‭ ‬التقاعد‭. ‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬تطبق‭ ‬القوانين‭ ‬على‭ ‬اعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬واعضاء‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬والاقضية‭ ‬والنواحي‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تقاعد‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬عملهم‭ ‬ولا‭ ‬امتيازات،‭ ‬بل‭ ‬عليهم‭ ‬ان‭ ‬يعودوا‭ ‬الى‭ ‬وظائفهم‭ ‬وعملهم‭ ‬السابق‭. ‬

وكذلك‭ ‬الامر‭ ‬لأعضاء‭ ‬مجالس‭ ‬الحكم‭ ‬والجمهورية‭ ‬والوزراء‭ ‬والبرلمان‭ ‬والمستشارين‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يتقاضى‭ ‬رواتب‭ ‬تقاعدية‭ ‬من‭ ‬اموال‭ ‬الشعب‭ ‬بغير‭ ‬وجهه‭ ‬حق‭. ‬

واخيرا‭ ‬اقول‭ ‬بان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬نفسه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬اصلاح‭ ‬الاخرين‭. ‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *