لا يمكن لمخلوق أن يعطي الوالدين حقهما أكثر مما أعطاه الله عز وجل لهما و كرمهما في المقام والمنزلة السامية في حياتهما وبعد مماتهما.. فقد قرن ذكرهما بذكره وجاء الامر بطاعتهما بعد الامر بعبادته وحقهما بعد حقه وشكرهما بعد شكره ( ان اشكر لي ولوالديك الي المصير ) لقمان 14..
فيا له من تقديركبير ودور عظيم أنيط بهما .. وكم هو ثقيل في الميزان الاحسان اليهما والترفق بهما وبرهما واحترامهما فذلك من اسباب دخول الجنة ونيل رضا ه سبحانه وتعالى .. ( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ) .. وقضى تعني هنا الامر ..
وقد أمر الله ببر الوالدين حتى وان كانا كافرين ..
نعم .. وفي ذلك رواية أوردها الشيخ احمد الوائلي رحمه الله في احدى محاضراته القيمة ووردت في مصادر كثيرة مفادها ان اسماء بنت عميس قالت للرسول ( ص ) : ان امي وابي من الكفار وان الاسلام يأمرنا ببر الوالدين فهل أبرهما وهما يخالفانني في العقيدة ؟ .. فقال لها نعم .. لان الحكم هنا ليس موضوعه العقيدة (مسلم او كافر ) بل الوالدية اي الولادة .. اي اكرم من ولدك .. (ووصينا الانسان بوالديه …) اي العلة هي الوالدية على حد تعبيره فلكل منهما دوره في وجود الولد وتربيته وحضانته …. ومن هنا عليه برهما وطاعتهما في كل شيء الا في ما يعصي الله .. (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ..
وهناك من يبسط الامر ويقربه للفهم فيعد ما يقدمه الوالدان هو دين واجب الوفاء من الابناء لكن هناك من لا يعده دينا بل واجب من المستحيل التمكن من سداده مهما قدم الابناء للاباء لان :
كل الديون يوما سوف تقضى
ودين ابيك لن تقوى عليه
والمقصود هنا الوالد والوالدة .
لا اعتقد أن إنسانا من كل الديانات والطوائف لا يعرف حقوق الوالدين وواجبات الابناء تجاههما والاحسان اليهما وطاعتهما بما يرضي الله ومع ذلك هناك من يخالف امر الله لا سمح الله .. هذه الصور كلها وغيرها الكثير الكثير مما امرنا الله به ، ومنه توفير الرعاية والخدمة لهما بما يناسب مقامهما تتجسد امامي وانا اشاهد رجلا تبدو على محياه الطيبة والكرامة وحسن الخلق وهو يوصل والدته في الصباح الباكر الى قسم غسيل الكلى في الطابق 16 في مستشفى الدكتور غازي الحريري في مدينة الطب على عربة طبية يدفعها بنفسه ..
سالت عنه .. وانا ابدي اعجابي لمحدثي باخلاق هذا الرجل الكريم في تعامله وتحيته للجميع و مستوى رعايته لوالدته وحرصه على ان يقدم لها كل شيء بنفسه لانه يجد في ذلك راحة ونعمة كبيرة من الله ان يمكنه من تقديم هذا البر .. عرفت من محدثي انه دكتور استشاري في احد الاخصاصات .. فهو يصحب والدته خلال وجبات غسيل الكلى.. وبعد ان يوصلها الى جهاز الغسيل في سريرها بالعربة بنفسه دون ان يكلف احدا ويكمل الاجراءات كلها ويطمئن على كل شيء يسلم ( الواجب ) الى اخته لترافق امها الى نهاية عملية الغسيل ليذهب هو الى عمله في المستشفى .. و يبدو انها كاخيها انسانة فاضلة ايضا وتحب ان تقدم المساعدة لمن يحتاجها من المرضى ..
مواقف كثيرة مشرقة تسجل لاصحابها ، تبقى عالقة في الذهن تؤكد ايمان الانسان بالقيم والمبادىء العالية ومنها احترام الوالدين تبعث على الاعتزازوالتقدير واداء الواجب بما يرضي الله ورسوله ..
{ { { {
كلام مفيد :
( إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحا ، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة ، وإذا أردت أن تزرع للعمر كله فازرع إنسانا ) ..:
مثل صيني